للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم يزيدًا ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر، فيكون صيلمًا بيني، وبينه" (١).

ولفظ البخاري عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة). وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه، ولا تابع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه (٢).

قال ابن العربي: فانظروا معشر المسلمين إلى ما روى البخاري في الصحيح وإلى ما سبق ذكرنا له من رواية بعضهم أن عبد الله بن عمر لم يبايع، وأن معاوية كذب، وقال قد بايع، وتقدم إلى حرسه يأمره بضرب عنقه إن كذبه، وهو قد قال في رواية البخاري قد بايعناه على بيع الله ورسوله، وما بينهما من التعارض، وخذوا لأنفسكم بالأرجح في طلب السلامة والخلاص بين الصحابة والتابعين، فلا تكونوا ولم تشاهدوهم -وقد عصمكم الله من فتنتهم- ممن دخل بلسانه في دمائهم فيلغ فيها ولوغ الكلب بقية الدم على الأرض بعد رفع الفريسة بلحمها ولم يلحق الكلب منها إلا بقية دم سقط على الأرض (٣).


(١) صحيح. أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٤٨)، وابن الجعد (٣٠٤٠) من طريق إسماعيل بن علية، والبيهقي (٨/ ١٥٩)
من طريق عفان كلاهما -عفان وإسماعيل- عن صخر بن جويرية عن نافع به. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وصيلمًا أي: قطيعة منكرة، والصيلم: الداهية. انظر: النهاية في غريب الأثر (٣/ ٩٣).
(٢) البخاري (٦٦٩٤) قال ابن حجر: وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه وأنه لا ينخلع بالفسق وقد وقع في نسخة شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن حمزة ابن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصة الرجل الذي سأله عن قول الله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الآية أن ابن عمر قال: ما وجدت في نفسي في شىء من أمر هذه الأمة ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمر الله زاد يعقوب بن سفيان في تاريخه من وجه آخر عن الزهري قال حمزة: فقلنا له: ومن ترى الفئة؟ الباغية قال: ابن الزبير بغي على هؤلاء القوم يعني بني أمية فأخرجهم من ديارهم ونكث عهدهم. اهـ من فتح الباري (١٣/ ٧٢).
(٣) العواصم من القواصم (٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>