للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرواية الثانية: عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثًا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" (١).

االرواية الثالثة: عن حميد بن عبد الرحمن قال: دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استخلف يزيد بن معاوية فقال: أتقولون أن يزيد ليس بخير أمة محمد لا أفقه فيها فقهًا ولا أعظمها فيها شرفًا؟ قلنا: نعم قال: وأنا أقول ذلك.، ولكن والله لأن تجتمع أمة محمد أحب إلي من أن تفترق أرأيتم بابا لو دخل فيه أمة محمد وسعهم أكان يعجز عن رجل واحد لو دخل فيه؟ قلنا: لا قال: أرأيتم لو ان أمة محمد قال كل رجل منهم: لا أهريق دم أخي ولا آخذ ماله أكان هذا يسعهم؟ قلنا: نعم. قال: فذلك ما أقول لكم، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأتيك من الحياء إلا خير". (٢)

قال أبو بكر بن العربي: فهذه الأخبار الصحاح كلها تعطيك أن ابن عمر كان مسلِّمًا في إمرة يزيد، وأنه بايع، وعقد له، والتزم ما التزم الناس، ودخل فيما دخل فيه المسلمون، وحرم على نفسه ومن يليه بعد ذلك أن يخرج على هذا أو ينقضه.

وظهر لك أن قول من قال إن معاوية كذب في قوله: بايع ابن عمر، ولم يبايع وأن ابن عمر وأصحابه سئلوا فقالوا: لم نبايع فقد كذب، وقد صدق البخاري في روايته قول معاوية على المنبر أن ابن عمر قد بايع بإقرار ابن عمر بذلك، وتسليمه له، وتماديه عليه. فأي الفريقين أحق بالصدق إن كنتم تعلمون الفريق الذي فيه البخاري أم الذي فيه غيره، فخذوا لأنفسكم بالأحزم، والأصح، أو اسكتوا عن الكل، والله يتولى توفيقكم، وحفظكم والصاحب الذي كنى عنه حميد بن عبد


(١) أخرجه مسلم (١٨٥١).
(٢) إسناده صحيح. أخرجه خليفة بن خياط (٥٣) من طريق عبد الرحمن قال: نا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن به. وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>