للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن هو ابن عمر، والله أعلم وإن كان غيره فقد أجمع رجلان عظيمان على هذه المقالة وهي تعضد ما أصَّلَّناه لكم من أن ولاية المفضول نافذة وإن كان هنالك من هو أفضل منه إذا عقدت له، ولما في حلها أو طلب الأفضل من استباحة ما لا يباح وتشتيت الكلمة، وتفريق أمر الأمة (١).

الرواية الرابعة: لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع، وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيدًا يشرب الخمر ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب.

فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبًا على الصلاة متحريًا للخير يسأل عن الفقه ملازمًا للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعًا لك.

فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إلي الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق، وإن لم يكن رأيناه.

فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (الزخرف: ٨٦) ولست من أمركم في شيء. قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نوليك أمرنا.

قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعًا، ولا متبوعًا.

قالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، قالوا: فمر ابنيك أبا القاسم، والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت.

قالوا: فقم معنا مقاما تحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله! ! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذا ما نصحت لله في عباده. قالوا: إذا نكرهك.

قال: إذا آمر الناس بتقوى الله، ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة. (٢)


(١) العواصم من القواصم (٢٣٢).
(٢) مختصر تاريخ دمشق (١/ ٣٧٥٦) والبداية والنهاية لابن كثير (٨/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>