أولها: ما معنى كلمة "البدء"؟ وأي بدء تعني؟ ما حده الزمني؟ وإذا كان له حد زمني فهل يكون له متعلق بالله؟ وهل ذلك مما يليق بكمال الله الذي لا يحصره شيء .. زمانًا ... ومكانًا؟ فالله سبحانه أول بلا ابتداء ويجيب النصارى: أي الأزل. لكن ذلك لا يسلم لهم، فإن الكلمة وردت في الدلالة على معان منها:
١ - وقت بداية الخلق والتكوين كما جاء في "في البدء خلق الله السموات والأرض"(التكوين ١/ ١)، ومثله قول المسيح عن إبليس أنه كان منذ البدء:" أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الحُقَّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق"(يوحنا ٨/ ٤٤).
٢ - ومثله قاله متى على لسان المسيح، وهو يحاجج اليهود" قَالوا لَهُ: "فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلَاق فَتُطَلَّقُ؟ " ٨ قَال لهُمْ: "إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا." (متى ٧/ ١٩ - ٨)، ومعناه أن ذلك لم يكن مأذونًا به عند بداية الخليقة، وبداية الخلق لحظة مخلوقة، وليست الأزل الذي يسبق كل زمان.
٣ - وترد كلمة البدء أيضًا، ويراد منها فترة معهودة من الزمن كما في قول لوقا: "كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء" (لوقا ١/ ٢)، أي في أول رسالة المسيح.
٦ - ومثله قوله في جواب اليهود لما سألوه:"فقالوا له: من أنت؟ فقال لهم يسوع: أنا من البدء ما أكلمكم أيضًا به"(يوحنا ٨/ ٢٥)، فكل هذه الاستعمالات لكلمة البدء لا