للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رغبة في العلم. (١)

والراجح: أنه أسلم قبل هذا التاريخ بزمن طويل، ولكن هجرته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت في تلك السنة، وإنما رجحنا ذلك لدليلين:

الأول: ما ذكره ابن حجر في الإصابة من ترجمة الطفيل بن عمرو الدوسي: أنه أسلم قبل الهجرة، ولما عاد بعد إسلامه إلى قومه -رهط أبي هريرة- دعاهم إلى الإسلام فلم يجبه إلا أبوه، وأبو هريرة. وهذا صريح في أن إسلام أبي هريرة قد تم قبل قدومه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر بسنوات.

الثاني: مما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أمر المشادة التي جرت بين أبي هريرة - رضي الله عنه - وبين أبان بن سعيد بن العاص حين قسمة الغنائم بعد فتح خيبر، فقد طلب أبان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم له الغنائم، فقال أبو هريرة: لا تقسم له يا رسول الله؛ فإنه قاتل ابن قوقل -وهو النعمان بن مالك بن ثعلبة- ولقبه قوقل بن أصرم وذلك في معركة أحد إذ كان أبان لا يزال مشركًا فقتل ابن قوقل. (٢)

ومن هذه القصة ندرك أن أبا هريرة حين قدم خيبر مهاجرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حديث عهد بالإسلام، بل كان متتبعًا لمعاركه وأحداثه بحيث يعلم أن أبان بن سعيد بن العاص هو الذي قتل (ابن قوقل) يوم أحد، وإلى هذا ذهب الحافظ ابن حجر. (٣)

حفظه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله: إني أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ. قَالَ: "ابْسُطْ رِدَاءَكَ" فَبَسَطْتُهُ، قالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "ضُمَّهُ" فَضَمَمْتُهُ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ. (٤)


(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٤/ ٣٣٤)، أسد الغابة (٥/ ٣٢٢).
(٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله أَسْهِمْ لي، فقَالَ بَعْضُ بني سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ الله. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، البخاري (٢٨٧٣).
(٣) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (٣٢٥).
(٤) البخاري (١١٩)، مسلم (٢٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>