للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله وأمرني أن انظر، فما غير حرفًا عن حرف. (١)

عبادته وتقواه: عرف أبو هريرة - رضي الله عنه - بالعبادة والتقوى، وكل ما يقربه إلى الله تعالى، كيف لا يكون كذلك، وقد صحب الأسوة الحسنة في العبادة، ورآه كيف كان يجهد نفسه فيها، حتى تورمت قدماه - صلى الله عليه وسلم -، فكان يكثر من الصلاة والصيام وقراءة القرآن، وقيام الليل.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عنه قَالَ: "أوصاني خليلي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ، صَوْمِ ثَلَاثةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ". (٢)

عن عكرمة قال: قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة، وذلك على قدر ديني أو قدر دينه. (٣)

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ فَرُّوخَ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: تَضَيَّفْتُ أبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فكَانَ هُوَ وَامْرَأتِّهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا، يُصَلِّى هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، ويُصَلِّي هَذَا ثُمَّ يَرْقُدُ وَيُوقِظُ هَذَا، قَالَ: قُلْتُ. يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلَاثًا، فَإِنْ حَدَثَ لي حَادِثٌ كَانَ آخِرُ شهري. (٤)

وقال ابن كثير: وقد كان أبو هريرة من الصدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم. (٥)

تواضعه وكرمه وطيب أخلاقه: عُرف أبو هريرة - رضي الله عنه - بتواضعه الجم في كل مراحل حياته، فلم ينس ماضيه بعد أن منّ الله تعالى عليه بنعمة العلم والجاه والفضل، كمن


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٥١٠ من طريق سليمان بن حرب. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٧/ ٣٤٠) من طريق خالد بن حمدان. كلاهما (سليمان، خالد) عن حماد بن زيد عن عمرو بن عبيد عن أبي الزعيزعة به.
(٢) البخاري (١١٧٨)، مسلم (٧٢١).
(٣) صحيح. أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ٣٨٣ من حديث إسماعيل بن علية، عن خالد الحذاء، عن عكرمة.
(٤) صحيح. أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٥٣، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٣٨٣ من حديث حماد بن زيد، عن العباس بن فروخ به، وصحح إسناده ابن حجر كما في الإصابة ٧/ ٤٤٢.
(٥) البداية والنهاية ٨/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>