للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُولَئِكَ أَصْحَابُهُ - رضي الله عنهم -، أليَنُ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقُهَا عِلْمًا، وَأَقَلُّهَا تَكَلُّفًا، وَأَحْسَنُهَا بَيَانًا، وَأَصْدَقُهَا إيمَانًا، وَأَعَمُّهَا نَصِيحَةً، وَأَقْرَبُهَا إلَى الله وَسِيلَةً، وَكَانُوا بَيْنَ مُكْثِرٍ مِنْهَا وَمُقِلٍّ وَمُتَوَسِّطٍ رضي الله عنهم أجمعين.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَالمتوَسِّطُونَ مِنْهُمْ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ الْفُتْيَا: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ الله بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، . . . وغيرهم - رضي الله عنهم -. (١)

زواجه: أخرج البخاري بلفظ المتابعة غير الموصولة عن شيخه أصبغ بن الفرج المصري بسنده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله إني رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نفسي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ" (٢).

ونستدل من هذه أنه كان في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لابثًا بجواره، لا تشغله النساء.

لكنه تزوج بسرة بنت غزوان المازنية، بعد ذلك لما كان مروان يستخلفه في إمرة المدينة (٣)، وهي صحابية أخت عتبة بن غزوان المازني، الصحابي المشهور أمير البصرة، وعتبة هذا قديم الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وكان رجلًا طوالًا جميلًا، وشهد بدرًا، وهو الذي مصَّر البصرة واختطها، ومات في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، إن زواج أبي هريرة من أخت هذا الصحابي الجليل الأمير توثيق قوي لأبي هريرة، ولو كان كما يدَّعي المدعون كاذبًا وضاعًا لما رضي آل بسرة بتزويجه، ولما رضيت به، وهي الصحابية الجليلة أخت الصحابي الجليل، بل إنها كانت ميسورة غنية في العهد النبوي متزوجة من ميسور،


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين ١/ ٢١: ١٩ بتصرف.
(٢) البخاري (٥١٧٦).
(٣) الإصابة (٤/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>