للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلصها، ويجدر أن ننبه إلى أن المسيح لم يدع أنه هو الذي غفر ذنبها، بل أخبر أن ذنبها قد غفر، والذي غفره بالطبع هو الله تعالى.

والقصة بتمامها كما أوردها لوقا: " وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. ٤٧ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا". ٤٨ ثُمَّ قَال لهَا: "مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ". ٤٩ فَابْتَدَأَ المُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: "مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟ ". ٥٠ فَقَال لِلْمَرْأَةِ: "إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلَامٍ" (لوقا ٧/ ٤٦ - ٥٠)، فقد غفر الله لها بإيمانها، والمسيح أخبرها برحمة الله التي وسعتها، وأفهم الحاضرين بوضوح أنه لم يجدف ولم يدع لنفسه مغفرة الخطايا. وإذا كان يغفر الخطايا فلم لم يغفر الله خطيئة آدم لأن الإنسان يقدر أن يغفر والله لا يقدر وأيضًا لماذا لم يغفرها المسيح من غير قتل أو صلب يزيد الخطيئة ولا يمحوها؟ . (١)

٢ - وكذا في قصة المفلوج لم يدع المسيح أنه الذي يغفر الذنوب، فقد قال للمفلوج: "ثق يا بني، مغفورة لك خطاياك" فأخبر بتحقق الغفران، ولم يقل: إنه هو الغافر لذنوب المفلوج.

٣ - ولما أخطأ اليهود، ودار في خلدهم أنه يجدف، وبخهم المسيح على الشر الذي في أفكارهم، وصحح لهم الأمر، وشرح لهم أن هذا الغفران ليس من فعل نفسه، بل هو من سلطان الله، لكن الله أذن له بذلك، كما سائر المعجزات والعجائب التي كان يصنعها، وقد فهموا منه المراد، وزال اللبس من صدورهم، "فلما رأى الجموع تعجبوا، ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا". (متى ٩/ ٨). والقصة بتمامها كما أوردها متى تقول: "قَال لِلْمَفْلُوجِ: "ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ". ٣ وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالوا فِي أَنْفُسِهِمْ: "هذَا يجدِّفُ! " ٤ فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَال: "لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟ ٥ أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَال: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَال: قُمْ وَامْشِ؟ ٦ وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الخطَايَا". حِينَئِذٍ قَال لِلْمَفْلُوجِ: "قُمِ احْمِلْ


(١) وانظر مناظرة بين الإسلام والنصرانية ١٩٣ و ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>