على قتل، فقام أسيد بن حضير فقال: كذبت؛ لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، وكادت تثور فتنة بين الأوس والخزرج حتى نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخفضهم.
وهؤلاء الثلاثة من خيار السابقين الأولين، وقد قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: إنك منافق تجادل عن المنافقين، وهذا مؤمن ولي لله من أهل الجنة وذاك مؤمن ولي الله من أهل الجنة؛ فدل على أن الرجل قد يكفر آخر بالتأويل ولا يكون واحد منهما كافرًا.
٣ - وكذلك في الصحيحين حديث عتبان بن مالك لما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - منزله في نفر من أصحابه فقام يصلي وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عظم ذلك إلى مالك بن الدخشم، وودوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليه فيهلك، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته وقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قالوا: بلى، وإنه يقول ذلك وما هو في قلبه، فقال: لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه.
وإذا كان ذلك فإذا ثبت أن شخصًا من الصحابة، إما عائشة، وإما عمار بن ياسر، وإما غيرهما كَفَّرَ آخر من الصحابة عثمان أو غيره أو أباح قتله على وجه التأويل، كان هذا من باب التأويل المذكور ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما ولا في كونه من أهل الجنة، فإن عثمان وغيره أفضل من حاطب بن أبي بلتعة، وعمر أفضل من عمار وعائشة وغيرهما، وذنب حاطب أعظم فإذا غُفر لحاطب ذنبه فالمغفرة لعثمان أولى، وإذا جاز أن يجتهد مثل عمر وأسيد بن حضير في التكفير أو استحلال القتل ولا يكون ذلك مطابقًا فصدور مثل ذلك من عائشة وعمار أولى.
ويقال رابعًا: إن هذا المنقول عن عائشة من القدح في عثمان إن كان صحيحًا فإما أن يكون صوابًا أو خطأً، فإن كان صوابًا لم يذكر في مساوئ عائشة، وإن كان خطأ لم يذكر في مساوئ عثمان، والجمع بين نقص عائشة وعثمان باطل قطعًا، وأيضًا فعائشة ظهر منها من التألم لقتل عثمان، والذم لقتلته، وطلب الانتقام منهم ما يقتضي الندم على ما ينافى ذلك، كما ظهر منها الندم على مسيرها إلى الجمل، فإن كان ندمها على ذلك يدل على فضيلة علي