كانت سنة أربعة وثلاثين كتب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعضهم إلى بعض: أن أقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرون ويسمعون ليس فيهم أحد ينهى ولا يذب إلا نفير زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، فاجتمع الناس وكلموا عليًّا بن أبي طالب، فدخل على عثمان فقال الناس ورائي وقد كلموني فيك، والله ما أدري ما أقول لك، وما أعرف شيئًا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وما خصصنا بأمر دونك، وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونلت صهره، وما ابن أبي قحافة بأولى بعمل الحق منك، ولا ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك، وإنك أقرب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآله رحمًا ولقد نلت من صهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لم ينالا، ولا سبقاك إلى شيء، فالله الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى ولا تعلم من جهل، وإن الطريق لواضح بين، وإن أعلام الدين لقائمة، تعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هُدى وهَدى فأقام سنة معلومة وأمات بدعة متروكة، فوالله إن كلًّا لبين وإن السنن لقائمة لها أعلام، وإن البدع لقائمة لها أعلام وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضَل وضُل به فأمات سنة معلومة وأحيا بدعة متروكة، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يؤتي يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور في جهنم كما تدور الرحى ثم يرتطم في غمرة جهنم.
وإني أحذرك الله وأحذرك سطوته ونقماته فإن عذابه شديد أليم، وأحذرك أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه يقال: يقتل في هذه الأمة إمام فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة وتلبس أمورها عليها ويتركهم شيعًا فلا يبصرون الحق لعلو الباطل يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجًا، فقال عثمان: قد والله علمت ليقولن الذي قلت، أما والله لو كنت مكاني ما عنفتك ولا أسلمتك ولا عبت عليك ولا جئت منكرًا أن وصلت رحمًا