للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم، وهذا غير صحيح؛ فإن حضورهم لعلي واعتذارهم عن الوقوف معه في حرب أهل الشام أو فيما يدور بينه وبين المسلمين من القتال في العراق لدليل واضح على أن في أعناقهم بيعة تلزمهم بطاعته حين اعتذروا، ولو كان الأمر خلاف ذلك لتركوه يخرج دون أن يذهبوا إليه ويعتذروا له، فهم حينئذ غير ملزمين بطاعته. ويبرر الباقلاني موقف الصحابة الذين تأخروا عن نصرة علي فيقول في هذا الصدد: فإن قال قائل: فإن كانت إمامة علي من الصحة والثبوت بحيث وصفتم، فما تقولون في تأخر سعد وابن عمر وابن مسلمة وأسامة وغيرهم عن نصرته والدخول في طاعته؟ قيل له: ليس في جميع القاعدين ممن أسمينا أو ضربنا عن ذكره من طعن في إمامته واعتقد فسادها، وإنما قعدوا عن نصرته على حرب المسلمين لتخوفهم من ذلك وتجنب الإثم فيه. (١)

ويذكر ابن العربي: أن قومًا قالوا تخلف عنه من الصحابة جماعة منهم سعد وابن مسلمة وابن عمر وأسامة. فيرد عليهم بقوله: قلنا أما بيعته فلم يتخلف عنها، وأما نصرته فتخلف عنها قوم؛ منهم من ذكرتم؛ لأنها كانت مسألة اجتهادية فاجتهد كل واحد وأعمل نظره وأصاب قدره. (٢)

وخلاصة القول: لئن كانت بعض الروايات تستثني من البيعة بعض الصحابة فإن ذلك لا يقدح في خلافة علي -رضي اللَّه عنه-. وإن ثبت امتناع معاوية عن مبايعته فإن ذلك لا يقدح في إجماع أهل الحل والعقد على خلافته، على أن معاوية معترف بأن عليًا أحق بالإمامة منه، وإنما حجّته في الامتناع هو طلبه تسليم الموجودين من قتلة عثمان فيقتص منهم.

ويخلص الماوردي في الأحكام السلطانية إلى القول: بأن فرض الإمامة أو البيعة يكون فرض كفاية كالجهاد وطلب العلم، حيث إذا قام بها من هو أهلها سقط فرضها عن كافة الناس. (٣)

٥ - بعد أن تولى علي الخلافة قام بعزل بعض الولاة وتعيين آخرين بدلًا عنهم، فعزل


(١) التمهيد في الرد على الملحدة (٢٣٣ - ٢٣٤).
(٢) العواصم من القواصم (١٥٠) بتصرف.
(٣) الأحكام السلطانية (٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>