للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء إلى علي -رضي اللَّه عنه- متقربًا إليه بذلك، فأمسك علي السيف بيده وقال: طالما جلى به الكرب عن وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "بشر قاتل ابن صفية بالنار". (١)

وذكره أحمد في كتاب فضائل الصحابة بإسناد حسن بلفظ قريب وفيه (٢): جاء قاتل الزبير يستأذن، فجاء الغلام فقال: هذا قاتل الزبير فقال: "ليدخل قاتل الزبير النار، وجاء قاتل طلحة يستأذن فقال الغلام: هذا قاتل طلحة يستأذن، فقال: ليدخل قاتل طلحة النار"، وهذا الخبر يؤيده ما أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (٣) بإسناد حسن، وفيه أن ابن جرموز استأذن على عليّ -رضي اللَّه عنه- فقال: من هذا؟ فقال: ابن جرموز يستأذن. فقال: "ائذنوا له ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: لكل نبي حواريّ وإن حوارييّ الزبير".

وفي تعليل هذه الجرأة من ابن جرموز على قتل الزبير -رضي اللَّه عنه- يقول الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (٤): وكثر في أيامه -أيام عثمان -رضي اللَّه عنه- من لم يصحب الرسول، وفُقد من عَرَفَ فضل الصحابة رضي اللَّه عنهم أجمعين.

هنا ذهب كعب بن سَور بالخبر إلى أم المؤمنين فقال لها: أدركي الناس قد تقاتلوا.

وكانت المعركة قريبة من البصرة، فوضع لها الهودج فوق البعير -وَرَدَ أن اسم البعير عسكر- فجلست فيه وغطي بالدروع، وذهبت إلى أرض المعركة لعل أن يوقف الناس القتال عندما يشاهدونها، فلما وصلت، أعطت عائشة المصحف لكعب وقالت له: خلِّ البعير وتقدم وارفع كتاب اللَّه وادعهم إليه، فشعر أهل الفتنة بأن القتال سيتوقف إذا تركوا كعبًا يفعل ما طُلب منه، فلما قام كعب ورفع المصحف وأخذ ينادي تناولته النبال فقتلوه. (٥)


(١) ذكره الحافظ في الفتح (٦/ ٢٦٤ - ٢٦٥) و (٧/ ١٠٢) وانظر: المسند (١/ ٨٩، ١٠٢) وصححه الحاكم في المستدرك (٤/ ٣٦٧).
(٢) فضائل الصحابة للإمام أحمد (٢/ ٧٣٦ - ٧٣٧).
(٣) المصدر السابق.
(٤) تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم الأصبهاني (ص ٣٢٢).
(٥) كما جاء في رواية الطبري (٤/ ٥١٣) من طريق سيف بن عمر، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٧/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>