للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك. قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيلة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة". (١)

قال أبو نعيم في الحلية: وروته فاطمة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة عن عائشة نحوه (٢).

وأما من جهة فاطمة فإنها تحب عائشة وذلك لوجوه:

١ - أنها حبيبة أبيها، والمعروف أن المرء يحب محبوب حبيبه والذي أصل هذا هو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما روت عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: أرسل أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها، فقالت: يا رسول اللَّه، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة وأنا ساكتة. قالت: فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أي بنية ألست تحبين ما أحب؟ فقالت: بلى. قال فأحبي هذه قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فرجعت إلى أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: واللَّه لا أكلمه فيها أبدًا. (٣)

فقولها: بلى إجابة عن سؤاله الست تحبين ما أحب تصريح منها أنها تحب عائشة -رضي اللَّه عنها-، وقوله: فأحبي هذه أمر منه -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة بحب عائشة، ومن من الناس أولى بطاعة أبيها من فاطمة التي هي أشبه الخلق به -صلى اللَّه عليه وسلم- كما سبق في رواية عائشة.

٢ - لم يحدث في حياة فاطمة ولا حياة عائشة ما يدل على إساءة إحداهما إلى الأخرى لأن الواصلة بينهما هو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يحبهما وهما يحبانه ويحبان ما يحب كما سبق بيانه.

٣ - وهذه قصة تدل على احترام كل واحدة منهما للأخرى. عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ، شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ


(١) البخاري (٦٢٨٦، ٦٢٨٥).
(٢) حلية الأولياء (٢/ ٤٠).
(٣) مسلم (٢٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>