للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عِليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّه بِهِ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي الْأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَليٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ المَعْرُوفَ. (١)

ففي هذا الحديث مسائل لا تخلو من إشكالات:

١ - هل يجوز لفاطمة أن تهجر أبا بكر على قطعة أرض تسببت في هجر المسلمين بعضهم لبعض طوال قرون؟ ومعلوم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام؟ فمن كان أكثر طاعة؟ ! أبو بكر الذي منعه حديث "وإن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا" أم فاطمة؟ أم أن الأمر متعلق بامتناع فاطمة عن تكليم عمر في شأن أرض فدك؟

فإن لفظ الحديث الذي رواه معمر عن الزهري الذي فيه (فهجرته فاطمة. . فوقع عند عمر بن شبه من وجه آخر عن معمر ونصه: (فلم تكلمه في ذلك المال) ليس فيه لفظ هجران ولا غضب ولا غيره.

وكذا نقل الترمذي عن بعض مشايخه أن معنى قول فاطمة لأبي بكر وعمر: (لا أكلمكما) أي: في هذا الميراث. (٢)

قلت: وهذا شبيه بقولها -رضي اللَّه عنها- في قصة عائشة مع نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (واللَّه لا أكلمه فيها أبدًا) فلا يفهم من هذا أنها خاصمت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

٢ - بينت روايات خارج البخاري (٣) (فغضبت فاطمة وهجرته ولم تكلمه حتى ماتت.

إلخ الكلام الطويل: أنه مدرج من كلام الزهري وليس من نص الحديث. وقد نص البيهقي على أن الزهري أدرج في هذا الحديث.

٣ - وذكر أن البيهقي روى من طريق الشعبي بسنده أنه قال: لما مرضت فاطمة أتاها


(١) البخاري (٣٧١٢)، ومسلم (١٧٥٩)، واللفظ له.
(٢) ذكر ذلك كله ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٠٢).
(٣) البيهقي (٦/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>