متأول، فالمتأول: المجتهد كأهل العلم والدين الذين اجتهدوا واعتقد بعضهم حل أمور واعتقد الآخر تحريمها كما استحل بعضهم بعض أنواع الأشربة، وبعضهم بعض المعاملات الربوية وبعضهم بعض عقود التحليل والمتعة وأمثال ذلك فقد جرى ذلك.
وأمثاله من خيار السلف. فهؤلاء المتأولون المجتهدون غايتهم أنهم مخطئون، وقد قال اللَّه تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وقد ثبت في الصحيح أن اللَّه استجاب هذا الدعاء. وقد أخبر سبحانه عن داود وسليمان -عليهما السلام- أنهما حكما في الحرث وخص أحدهما بالعلم والحكم، مع ثنائه على كل منهما بالعلم والحكم، والعلماء ورثة الأنبياء فإذا فهم أحدهم من المسألة ما لم يفهمه الآخر لم يكن بذلك ملومًا ولا مانعًا لما عرف من علمه ودينه، وإن كان ذلك مع العلم بالحكم يكون إثمًا وظلمًا والإصرار عليه فسقًا، بل متى علم تحريمه ضرورة كان تحليله كفرًا. فالبغي هو من هذا الباب، أما إذا كان الباغي مجتهدًا ومتأولًا ولم يتبين له أنه باغ، بل اعتقد أنه على الحق، وإن كان مخطئًا في اعتقاده لم تكن تسميته باغيًا موجبة لإثمه فضلًا عن أن توجب فسقه، والذين يقولون بقتال البغاة المتأولين يقولون مع الأمر بقتالهم: قتالنا لهم لدفع ضرر بغيهم لا عقوبة لهم، بل للمنع من العدوان، ويقولون: إنهم باقون على العدالة لا يفسقون ويقولون: هم كغير المكلف كما يمنع الصبي، والمجنون، والناسي، والمغمى عليه، والنائم من العدوان أن لا يصدر منهم، بل تمنع البهائم من العدوان. ويجب على من قتل مؤمنًا خطأ الدية بنص القرآن مع أنه لا إثم عليه في ذلك، وهكذا من رفع إلى الإمام من أهل الحدود، وتاب بعد القدرة عليه فأقام عليه الحد، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له والباغي المتأول يجلد عند مالك والشافعي وأحمد، ونظائره متعددة ثم بتقدير أن يكون البغي بغير تأويل يكون ذنبًا، والذنوب تزول عقوبتها بأسباب متعددة بالحسنات الماحية والصائب المكفرة وغير ذلك.
٣ - ثم إن عمارًا تقتله الفئة الباغية ليس نصًا في أن هذا اللفظ لمعاوية وأصحابه، بل يمكن أنه أريد به تلك العصابة التي حملت عليه حتى قتلته وهى طائفة من العسكر ومن