رضي بقتل عمار كان حكمه حكمها، ومن المعلوم أنه كان في المعسكر من لم يرض بقتل عمار كعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وغيره، بل كل الناس كانوا منكرين لقتل عمار حتى معاوية، وعمرو.
٤ - والفقهاء ليس فيهم من رأيه القتال مع من قتل عمارًا لكن لهم قولان مشهوران كما كان عليهما أكابر الصحابة. منهم من يرى القتال مع عمار وطائفته، ومنهم من يرى الإمساك عن القتال مطلقًا.
وفى كل من الطائفتين طوائف من السابقين الأولين:
في القول الأول عمار، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب.
وفي الثاني سعد بن أبى وقاص، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، وعبد اللَّه بن عمر ونحوهم، ولعل أكثر الأكابر من الصحابة كانوا على هذا الرأي.
ولم يكن في العسكرين بعد عليّ أفضل من سعد بن أبى وقاص، وكان من القاعدين.
٥ - وحديث عمار قد يحتج به من رأى القتال؛ لأنه إذا كان قاتلوه بغاة فاللَّه يقول:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي. . .}.
٦ - والممسكون يحتجون بالأحاديث الصحيحة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أن القعود عن الفتنة خير من القتال فيها، وتقول إن هذا القتال ونحوه هو قتال الفتنة كما جاءت أحاديث صحيحة تبين ذلك.
٧ - وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمر بالقتال ولم يرض به، وإنما رضي بالصلح. وإنما أمر اللَّه بقتال الباغي ولم يأمر بقتالى ابتداءً، بل قال:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(الحجرات: ٩) قالوا: والاقتتال الأول لم يأمر اللَّه به، ولا أمر كل من بغي عليه أن يقاتل من بغي عليه، فإنه إذا قتل كل باغ كفر، بل غالب المؤمنين، بل غالب الناس لا يخلو من ظلم وبغي، ولكن إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين فالواجب