للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معصية لأن التهاون بحدود الدين وإسلام حرمات الشريعة للتضييع كفر وإن كانوا قعدوا؛ لأنهم لم يروا أن يتعدوا حد عثمان وإشارته فأي ذنب لهم فيه. وأي حجة لمروان، وعبد اللَّه بن الزبير، والحسن، والحسين، وابن عمر، وأعيان العشرة معه في داره يدخلون إليه ويخرجون عنه في الشكة والسلاح والمطالبون ينظرون، ولو كان بهم قوة أو أووا إلى ركن شديد لما مكنوا أحدًا أن يراه منهم ولا يداخله، وإنما كانوا نظارة، فلو قام في وجوههم الحسن، والحسين، وعبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن الزبير ما جسروا ولو قتلوهم ما بقي على الأرض منهم حيّ. والذي يكشف الغطاء في ذلك أن معاوية لما صار إليه الأمر لم يمكنه أن يقتل من قتلة عثمان أحدًا إلا بحكم إلا من قتل في حرب بتأويل أو دس عليه فيما قيل حتى انتهى الأمر إلى زمان الحجاج وهم يقتلون بالتهمة لا بالحقيقة، فتبين لكم أنهم ما كانوا في ملكهم يفعلون ما أضحوا له يطلبون.

٢ - والذي تثلج به صدروكم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر في الفتن، وأشار وبين وأنذر الخوارج وقال: تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق، فبين أن كل طائفة منهما تتعلق بالحق، ولكن طائفة عليّ أدنى إليه. قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)} (الحجرات: ٩)، فلم يخرجهم عن الإيمان بالبغي بالتأويل ولا سلبهم اسم الأخوة بقوله بعده {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات: ١٠).

٣ - وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- في عمار: "تقتله الفئة الباغية"، وقال في الحسن: "ابني هذا سيد، ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، فحسن له خلعه نفسه وإصلاحه وكذلك يروى أنه أذن في الرؤيا لعثمان في أن يستسلم ويفطر عنده الليلة.

٤ - فهذه كلها أمور جرت على رسم النزاع ولم تخرج عن طريق من طرق الفقه ولا تعدت سبيل الاجتهاد الذي يؤجر فيه المصيب عشرة والمخطىء أجرًا واحدًا. (١)


(١) الحديث عند البخاري (٦٩١٩) عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إذا حكم الحاكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>