للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وما وقع من روايات في كتب التاريخ عدا ما ذكرنا فلا تلتفتوا إلى حرف منها، فإنها كلها باطلة. (١)

٦ - وقال ابن تيمية بعد اعتذاره عن معاوية ومن معه من المطالبين بدم عثمان -كما سبق نقله-: وهذا وأمثاله مما يبين شبهة الذين قاتلوه ووجه اجتهادهم في قتاله، لكن لا يدل على أنهم كانوا مصيبين في ترك مبايعته وقتاله، وكون قتلة عثمان من رعيته لا يوجب أنه كان موافقًا لهم، وقد اعتذر بعض الناس عن عليّ، بأنه لم يكن يعرف القتلة بأعيانهم، أو بأنه كان لا يرى قتل الجماعة بالواحد، أو بأنه لم يدع عنده ولي الدم دعوى توجب الحكم له، ولا حاجة إلى هذه الأعذار. بل لم يكن عليّ مع تفرق الناس عليه متمكنًا من قتل قتلة عثمان إلا بفتنة تزيد الأمر شرًا وبلاء، ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس؛ لأنهم كانوا عسكرًا وكان لهم قبائل تغضب لهم، والمباشر منهم للقتل وإن كان قليلًا، فكان ردؤهم أهل الشوكة ولولا ذلك لم يتمكنوا، ولما سار طلحة والزبير إلى البصرة ليقتلوا قتلة عثمان قام بسبب ذلك حرب قتل فيها خلق.

ومما يبين ذلك أن معاوية قد أجمع الناس عليه بعد موت عليّ وصار أميرًا على جميع المسلمين، ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين كانوا قد بقوا، فمعاوية -رضي اللَّه عنه- الذي يقول المنتصر له إنه كان مصيبًا في قتال عليّ؛ لأنه كان طالبًا لقتل قتلة عثمان لمّا تمكن وأجمع الناس عليه لم يقتل قتلة عثمان.

فإن كان قتلهم واجبًا وهو مقدور له كان فعله بدون قتال المسلمين أولى من أن يقاتل عليا وأصحابه لأجل ذلك، ولو قتل معاوية قتلة عثمان لم يقع من الفتنة أكثر مما وقع ليالي صفين.

٧ - وإن كان معاوية معذورًا في كونه لم يقتل قتلة عثمان، إما لعجزه عن ذلك، أو لما يفضى إليه ذلك من الفتنة وتفريق الكلمة وضعف سلطانه فعليّ أولى أن يكون معذورًا أكثر من


= فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
(١) العواصم من القواصم (١٦٨)، وما بعدها، وارجع إلى ما سبق نقله عن الهيتمي في الفقرة السابقة، وما سبق نقله عن ابن تيمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>