للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهره إلى ما يخالف الظاهر) أن يخاطب الواحد بلفظ الجمع كقوله سبحانه: {قَال رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: ٩٩]. وأكثر من يخاطب بهذا الملوك لأن مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا، يقوله منهم، يعني نفسه فخوطبوا بمثل ألفاظهم" (١)

كما قال ابن فارس - رحمة الله -: "ومن سنن العرب مخاطبة الواحد بلفظ الجمع فيقال للرجل العظيم: انظروا في أمري، وكان بعض أصحابنا يقول: إنما يقال هذا لأن الرجل العظيم يقول: نحن فعلنا: فعلى هذه الابتداء خوطبوا في الجواب (٢).

فهل هناك من هو أعظم من مالك الملك وأولى منه بمثل هذا الأسلوب؟

ويقول ابن تيمية: إن ضمير الجمع يقع "على من كان له شركاء وأمثال، وعلى الواحد المطاع العظيم، الذي له أعوان يطيعونه وإن لم يكونوا شركاء ولا نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك أو مثيل والملائكة وسائر العالمين جنوده تعالى؛ فإذا كان الواحد من الملوك يقول: إنا ونحن ولا يريدون أنهم ثلاثة ملوك فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء ومليكه هو أحق بأن يقول: إنا ونحن مع أنه ليس له شريك، ولا مثيل بل له جنود السماوات والأرض" (٣).

٢ - اللغة العربية مليئة بالشواهد على خروج ضمائر الجمع عن ظاهرها للدلالة على المفرد، ومن ذلك ما في الشعر الجاهلي:

١ - يقول امرؤ القيس - حين رأى قبر امرأة في سفح جبل عسيب الذي مات عنده -.

أجارتنا إن الخطوب تنوب ... وإني مقيم ما أقام عسيب

أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريب للغريب نسيب

فإن تصلينا فالقرابة بيننا ... وإن تصرمينا فالغريب غريب


(١) ابن قتيبة "تأويل مشكل القرآن" (ص ٢٩٣).
(٢) "الصاحبي" (٣٥٣)
(٣) الجواب الصحيح (٣/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>