للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على دين الإسلام (١).

وقال أبو السعود: ولا تنكحوا المشركين من الإنكاح، والمراد بهم الكفار على الإطلاق لما مر أي: لا تزوجوا منهم المؤمنات سواءً كن حرائر أو إماء حتى يؤمنوا ويتركوا ما هم فيه من الكفر. {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ} مع ما به من ذل المملوكية {خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} مع ماله من عز المالكية ولو أعجبكم مما فيه من دواعي الرغبة فيه الراجعة إلى ذاته وصفاته، {أُولَئِكَ} استئناف مقرر لمضمون التعليلين المارين أي: أولئك المذكورون من المشركات والمشركين {يَدْعُونَ} من يقارنهم ويعاشرهم {إِلَى النَّارِ} أي: إلى ما يؤدي إليها من الكفر والفسوق، فلا بد من الاجتناب عن مقارنتهم ومقاربتهم. (٢)

وقال الرازي: أما قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} فلا خلاف ههنا أن المراد به الكل، وأن المؤمنة لا يحل تزويجها من الكافر البتة على اختلاف أنواع الكفر، أما قوله: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} وففيه مسألتان:

المسألة الأولى: هذه الآية نظير قوله: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١)} (غافر: ٤١).

فإن قيل: فكيف يدعون إلى النار وربما لم يؤمنوا بالنار أصلًا، فكيف يدعون إليها؟

وجوابه: أنهم ذكروا في تأويل هذه الآية وجوهًا:

أحدها: أنهم يدعون إلى ما يؤدي إلى النار، فإن الظاهر أن الزوجية مظنة الألفة والمحبة والمودة، وكل ذلك يوجب الموافقة في المطالب والأغراض، وربما يؤدي ذلك إلى انتقال المسلم عن الإسلام بسبب موافقة حبيبه فإن قيل: احتمال المحبة حاصل من الجانبين، فكما


(١) المحرر الوجيز (١/ ٢٤٧)، وانظر تفسير القرطبي (٣/ ٧٢).
(٢) تفسير أبي السعود (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>