يحتمل أن يصير المسلم كافرًا بسبب الألفة والمحبة، يحتمل أيضًا أن يصير الكافر مسلمًا بسبب الألفة والمحبة، وإذا تعارض الاحتمالان وجب أن يتساقطا فيبقى أصل الجواز.
قلنا: إن الرجحان لهذا الجانب؛ لأن بتقدير أن ينتقل الكافر عن كفره يستوجب المسلم به مزيد ثواب ودرجة، وبتقدير أن ينتقل المسلم عن إسلامه يستوجب العقوبة العظيمة، والإقدام على هذا العمل دائر بين أن يلحقه مزيد نفع، وبين أن يلحقه ضرر عظيم، وفي مثل هذه الصورة يجب الاحتراز عن الضرر، فلهذا السبب رجح اللَّه تعالى جانب المنع على جانب الإطلاق.
التأويل الثاني: أن في الناس من حمل قوله: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} أنهم يدعون إلى ترك المحاربة والقتال، وفي تركهما وجوب استحقاق النار والعذاب، وغرض هذا القائل من هذا التأويل أن يجعل هذا فرقًا بين الذمية وبين غيرها، فإن الذمية لا تحمل زوجها على المقاتلة فظهر الفرق.
التأويل الثالث: أن الولد الذي يحدث ربما دعاه الكافر إلى الكفر فيصير الولد من أهل النار، فهذا هو الدعوة إلى النار، {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ} حيث أمرنا بتزويج المسلمة حتى يكون الولد مسلمًا من أهل الجنة.
أما قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} ففيه قولان:
القول الأول: أن المعنى وأولياء اللَّه يدعون إلى الجنة، فكأنه قيل: أعداء اللَّه يدعون إلى النار وأولياء اللَّه يدعون إلى الجنة والمغفرة فلا جرم يجب على العاقل أن لا يدور حول المشركات اللواتي هن أعداء اللَّه تعالى، وأن ينكح المؤمنات؛ فإنهن يدعون إلى الجنة والمغفرة.