للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه سبحانه لما بين هذه الأحكام وأباح بعضها وحرم بعضها، قال: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ}؛ لأن من تمسك بها استحق الجنة والمغفرة، أما قوله: {بِإِذْنِهِ} فالمعنى بتيسير اللَّه وتوفيقه للعمل الذي يستحق به الجنة والمغفرة (١).

وقال ابن كثير: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} أي: لا تُزَوّجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (الممتحنة: ١٠)، ثم ذكر قول عمر -رضي اللَّه عنه-: (المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة)، قال: وهذا أصح إسنادًا من الأول. (٢)

وعن عكرمة: في اليهودية والنصرانية تكون تحت النصراني أو اليهودي فتسلم هي؟ قال: يفرق بينهما، الإسلام يعلو ولا يعلى. (٣)

وقال ابن عادل: هذا بالإِجماع المراد منه الكُلّ، وأَنَّ المُؤْمِنة لا يحلُّ تزويجها بكافرٍ البَتَّة على اختلاف أنواع الكُفر. (٤)

وقال الآلوسي: فإن قيل: كما أن الكفار يدعون المؤمنين إلى النار، كذلك المؤمنون يدعونهم إلى الجنة بأحد الأمرين؟

أجيب: بأنّ المقصود من الآية: أنّ المؤمن يجب أن يكون حذرًا عما يضره في الآخرة، وأن لا يحوم حول حمى ذلك، ويجتنب عما فيه الاحتمال مع أن النفس والشيطان يعاونان على ما يؤدّي إلى النار، وقد ألفت الطباع في الجاهلية ذلك؟

قاله بعض المحققين: والجملة. . . الخ معللة لخيرية المؤمنين والمؤمنات من المشركين والمشركات، {وَاللَّهُ يَدْعُو} بواسطة المؤمنين من يقاربهم {إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} أي: إلى


(١) تفسير الرازي (٣/ ٢٩٥).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٥٨٣ - ٥٨٤).
(٣) أخرجه الطحاوي (٤٨٦٩)، وقال الالباني: إسناده موقوف صحيح؛ الإرواء (٥/ ١٠٩).
(٤) تفسير اللباب (٣/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>