للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتقاد الحق والعمل الصالح الموصلين إليهما، وتقديم الجنة على المغفرة مع قولهم: التخلية أولى بالتقديم على التحلية لرعاية مقابلة النار ابتداءً {بِإِذْنِهِ} متعلق بـ {يَدْعُوا} أي: يدعو إلى ذلك متلبسًا بتوفيقه الذي من جملته إرشاد المؤمنين لمقاربيهم إلى الخير فهم أحقاء بالمواصلة.

قوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} لكي يتعظوا أو يستحضروا معلوماتهم بناءً على أنّ معرفة اللَّه تعالى مركوزة في العقول، والجملة تذييل للنصح والإرشاد، والواو اعتراضية أو عاطفة، وفصلت الآية السابقة بـ {تَتَفَكَّرُونَ} (البقرة: ٢١٩)؛ لأنها كانت لبيان الأحكام والمصالح والمنافع، والرغبة فيها التي هي محل تصرف العقل والتبيين للمؤمنين فناسب التفكر، وهذه الآية بـ {يَتَذَكَرُونَ}؛ لأنها تذييل للإخبار بالدعوة إلى الجنة والنار التي لا سبيل إلى معرفتها إلا النقل والتبيين لجميع الناس فناسب التذكر (١).

وقال القاسمي: أن الزوجيه مظنة الألفة والمحبة والمودة، وكل ذلك يوجب الموافقة في المطالب والأغراض، فحقهم أن لا يوالوا ولا يصاهروا (٢).

وقال ابن عاشور: وقوله: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} تحريم لتزويج المسلمة من المشرك، فإن كان المشرك محمولًا على ظاهره في لسان الشرع، فالآية لم تتعرض لحكم تزويج المسلمة من الكافر الكتابي، فيكون دليل تحريم ذلك الإجماع؛ وهو إما مستند إلى دليل تلقاه الصحابة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وتواتر بينهم، وإما مستند إلى تضافر الأدلة الشرعية كقوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فعلق النهي بالكفر وهو أعم من الشرك وإن كان المراد حينئذ المشركين، وكقوله تعالى هنا: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} كما سنبينه، وقوله: {حَتَّى يُؤْمِنُوا} غاية للنهي، وأُخذ منه أن الكافر إذا أسلمت زوجته يفسخ النكاح بينهما، ثم إذا أسلم هو كان أحق بها ما دامت في العدة، وقوله:


(١) روح المعاني (٢/ ٢١٨).
(٢) تفسير القاسمي (٣/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>