للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالبلوغ فتركوا دين اللَّه -عزَّ وجلَّ- وأقاموا على ما وجدوا عليه آباءهم من أهل الكتاب، وكان بينا أن الذين أمر اللَّه بقتالهم عليها الذين فيهم القتال؛ وهم الرجال البالغون، ثم أبان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل معنى كتاب اللَّه -عزَّ وجلَّ- فأخذ الجزية من المحتلمين دون من دونهم، ودون النساء، وأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا تقتل النساء من أهل الحرب ولا الولدان، وسباهم فكان ذلك دليلًا على خلاف بين النساء والصبيان، والرجال، ولا جزية على من لم يبلغ من الرجال، ولا على امرأة، وكذلك لا جزية على مغلوب على عقله من قبل أنه لا دين له تمسك به ترك له الإسلام، وكذلك لا جزية على مملوك؛ لأنه لا مال له يعطى منه الجزية. (١)

والصواب في الآية أن (الصغار) هو: التزامهم لجريان أحكام الملة عليهم، وإعطاء الجزية فإن التزام ذلك هو الصغار (٢).

وقال الشافعي: فلم يأذن اللَّه -عزَّ وجلَّ- في أن تؤخذ الجزية ممن أمر بأخذها منه حتى يعطيها عن يد صاغرًا، وسمعت عددًا من أهل العلم يقولون: الصغار أن يجرى عليهم حكم الإسلام، فإذا جرى عليهم حكمه فقد أصغروا بما يجرى عليهم منه (٣).

وقال البغوي: {عَنْ يَدٍ} عن قهر وذل، قال أبو عبيدة: يقال لكل من أعطى شيئًا كرهًا من غير طيب نفس: أعطاه عن يد (٤).

وقال الشوكاني: والمعنى: عن يد مواتية غير ممتنعة، وقيل معناه: يعطونها بأيديهم غير مستنيبين فيها أحدًا، وقيل: معناه: نقدًا غير نسيئة، وقيل: عن قهر، وقيل: معناه: عن إنعام منكم عليهم؛ لأن أخذها منهم نوع من أنواع الإنعام عليهم، وقيل معناه: مذمومون (٥).


(١) الأم (٤/ ١٨٥).
(٢) أحكام أهل الذمة (٢٩).
(٣) الأم (٤/ ١٨٦، ٢٢٣، ٣٠٣).
(٤) تفسير البغوي (١/ ٣٣).
(٥) فتح القدير (٢/ ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>