الذِّمِّيِّ في الإسلام عن طريق مخالطته للمسلمين ووقوفه على محاسن الدّين، فهذا يكون عن طريق الدّعوة لا عن طريق الإكراه، وقد قال اللَّه سبحانه وتعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}(البقرة: ٢٥٦)، وهذا الأصل متّفق عليه بين الفقهاء، لكن هناك تفصيل وخلاف في بعض الفروع نذكره فيما يلي:
أ - معابد أهل الذّمّة، قسّم الفقهاء أمصار المسلمين على ثلاثة أقسامٍ:
الأوّل: ما اختطّه المسلمون، وأنشئوه كالكوفة، والبصرة، وبغداد، وواسط؛ فلا يجوز فيه إحداث كنيسةٍ، ولا بيعةٍ، ولا مجتمعٍ لصلاتهم، ولا صومعةٍ بإجماع أهل العلم، ولا يمكّنون فيه من شرب الخمر, واتّخاذ الخنازير، وضرب النّاقوس، ولأنّ هذا البلد ملك للمسلمين فلا يجوز أن يبنوا فيه مجامع للكفر، ولو عاقدهم الإمام على التّمكّن من ذلك فالعقد باطل.
الثّاني: ما فتحه المسلمون عنوةً، فلا يجوز فيه إحداث شيءٍ من ذلك بالاتّفاق، لأنّه صار ملكًا للمسلمين، وما كان فيه شيء من ذلك هل يجب هدمه؟ قال المالكيّة: وهو وجه عند الحنابلة: لا يجب هدمه؛ لأنّ الصّحابة -رضي اللَّه عنهم- فتحوا كثيرًا من البلاد عنوةً فلم يهدموا شيئًا من الكنائس.
ويشهد لصحّة هذا وجود الكنائس والبيع في البلاد الّتي فتحها المسلمون عنوةً، وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله: ألّا يهدموا بيعةً، ولا كنيسةً، ولا بيت نارٍ. وفي الأصحّ عند الشّافعيّة، وهو وجه عند الحنابلة: يجب هدمه، فلا يقرّون على كنيسةٍ كانت فيه؛ لأنّها بلاد مملوكة للمسلمين، فلم يَجُزْ أن تكون فيها بيعة، كالبلاد الّتي اختطّها المسلمون. وذهب الحنفيّة إلى أنّها لا تهدم، ولكن تبقى بأيديهم مساكن، ويمنعون من اتّخاذها للعبادة.
الثّالث: ما فتحه المسلمون صلحًا، فإن صالحهم الإمام على أنّ الأرض لهم والخراج لنا، فلهم إحداث ما يحتاجون إليه فيها من الكنائس عند الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة؛ لأنّ الملك والدّار لهم، فيتصرّفون فيها كيف شاؤوا.
وفي مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة: المنع؛ لأنّ البلد تحت حكم الإسلام.