للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن صالحهم على أنّ الدّار لنا ويؤدّون الجزية فالحكم في الكنائس على ما يقع عليه الصّلح، والأولى ألّا يصالحهم إلّا على ما وقع عليه صلح عمر -رضي اللَّه عنه- من عدم إحداث شيءٍ منها.

وإن وقع الصّلح مطلقًا لا يجوز الإحداث عند الجمهور: الحنفيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، ويجوز في بلدٍ ليس فيه أحد من المسلمين عند المالكيّة.

ولا يتعرّض للقديمة عند الحنفيّة، والحنابلة، وهو المفهوم من كلام المالكيّة، والأصحّ عند الشّافعيّة المنع من إبقائها كنائس.

ب - إجراء عباداتهم.

الأصل في أهل الذّمّة تركهم وما يدينون، فيتركون على الكفر، وعقائدهم، وأعمالهم الّتي يعتبرونها من أمور دينهم كضرب النّاقوس خفيفًا في داخل معابدهم، وقراءة التّوراة والإنجيل فيما بينهم، ولا يمنعون من ارتكاب المعاصي الّتي يعتقدون بجوازها كشرب الخمر، واتّخاذ الخنازير وبيعها، أو الأكل والشّرب في نهار رمضان، وغير ذلك فيما بينهم أو إذا انفردوا بقريةٍ.

ويشترط في جميع هذا ألّا يظهروها، ولا يجهروا بها بين المسلمين، وإلا منعوا وعزّروا، وهذا باتّفاق المذاهب، فقد جاء في شروط أهل الذّمّة لعبد الرّحمن بن غنمٍ: "ألّا نضرب ناقوسًا إلّا ضربًا خفيًّا في جوف كنائسنا، ولا نظهر عليها صليبًا، ولا نرفع أصواتنا في الصّلاة، ولا القراءة في كنائسنا، ولا نظهر صليبًا، ولا كتابًا في سوق المسلمين".

هذا وقد فصّل بعض الحنفيّة بين أمصار المسلمين وبين القرى، فقالوا: لا يمنعون من إظهار شيءٍ من بيع الخمر، والخنزير، والصّليب، وضرب النّاقوس في قريةٍ أو موضعٍ ليس من أمصار المسلمين، ولو كان فيه عدد كثير من أهل الإسلام، وإنّما يكره ذلك في أمصار المسلمين؛ وهي الّتي تقام فيها الجمع والأعياد والحدود؛ لأنّ المنع من إظهار هذه الأشياء لكونه إظهار شعائر الكفر في مكان إظهار شعائر الإسلام، فيختصّ المنع بالمكان المعدّ لإظهار الشّعائر وهو المصر الجامع.

<<  <  ج: ص:  >  >>