للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الذمة قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلًا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت، أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك، أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك" قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه (١).

قال القرطبي: قال عكرمة: الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين، فقراء أهل الكتاب، وقال أبو بكر العبسي: رأى عمر بن الخطاب ذميًا مكفوفًا مطروحًا على باب المدينة فقال له عمر: مالك؟ قال: استكروني في هذه الجزية حتى إذا كف بصري تركوني وليس لي أحد يعود علي بشيء فقال عمر: ما أنصفت إذًا، فأمر له بقوته وما يصلحه ثم قال: هذا من الذين قال اللَّه تعالى فيهم: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية وهم زمنى أهل الكتاب. (٢)

وقل السرخسي: فأما خراج الرؤوس لا يؤخذ من النساء والصبيان لما بينا أنه خلف عن النصرة التي فاتت بإصرارهم على الكفر ونصرة القتال لو كانوا مسلمين على الرجال دون النساء والصبيان، ولأن في حقهم الوجوب بطريق العقوبة كالقتل، وإنما يقتل الرجال منهم دون النساء والصبيان حين كانوا حربيين، فكذلك حكم الجزية بعد عقد الذمة، ولئن كان


(١) حسن لغيره. أخرجه أبو عبيد في الأموال (١٢٣)، ومن طريقه أخرجه حميد بن زنجويه في الأموال (١٧٩) فقال: حدثنا محمد بن كثير، عن أبي رجاء الخراساني، عن جسر أبي جعفر به، وهذا الإسناد فيه جسر بن فرقد ضعيف - الكامل لابن عدي (٢/ ١٧٠) وله شاهد أخرجه أبو يوسف في الخراج (١٢٦) وأخرجه حميد بن زنجويه (١٦٥) عن الهيثم بن عدي كلاهما -أبو يوسف، والهيثم بن عدي- عن عمر بن نافع، قال: حدثني أبو بكر العبسي عن عمر في قصة الرجل الذي رآه، وصرح أبو بكر في رواية أبي يوسف أنه رأى ذلك الرجل وأبو بكر العبسي هو صلة بن زفر ثقة - تهذيب التهذيب (٤/ ٣٨٤)، وتاريخ بغداد (٩/ ٣٣٥) والهيثم بن عدي متروك، والاعتماد على رواية أبي يوسف.
(٢) تفسير القرطبي (٨/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>