للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول القرطبي: فجعل يد المعطي في الصدقة عليا، وجعل يد المعطي في الجزية سفلى، ويد الآخذ عليا. (١)

وقال ابن حجر: وعن الشافعي المراد بالصغار هنا التزام حكم الإسلام، وهو يرجع إلى التفسير اللغوي؛ لأن الحكم على الشخص بما لا يعتقده، ويضطر إلى احتماله يستلزم الذل. (٢)

وأما ما ورد في بعض كتب الفقه من جرهم، وأخذ تلابيبهم، وضربهم على قفاهم، وإطالة وقوفهم على الأبواب، فمما لا دليل عليه ونحن نذكر بعض ذلك مع الرد عليه.

١ - قال الرافعي: وتؤخذ على وجه الصغار والإهانة؛ بأن يكون الذمي قائمًا والمسلم جالسًا، ويأمره أن يخرج يده من جيبه، ويحني ظهره، ويطأطئ رأسه، ويصب ما معه في كفة الميزان، ويأخذ المستوفي بلحيته، ويضرب في لهزمته، وفي مجمع اللحم بين الماضغ، والأذن وهذا معنى الصغار عند بعضهم، وهل هذه الهيئة واجبة أم مستحبة؟ وجهان أصحهما مستحبة.

قال النووي: هذه الهيئة باطلة، ولا نعلم لها أصلًا معتمدًا وإنما ذكرها بعضهم. قال الجمهور: تؤخذ برفق كأخذ الديون فالصواب الجزم ببطلانها وردها على من اخترعها، ولم ينقل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا أحد من الخلفاء الراشدين فعل شيئًا منها.

قال الرافعي: والأصح عند الأصحاب تفسير الصغار بالتزام أحكام الإسلام وجريانها عليهم وقالوا: أشد الصغار على المرء أن يحكم عليه بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله واللَّه أعلم، وقد نص الشافعي على ذلك: أي على الأخذ بالرفق واللَّه أعلم. (٣)

٢ - قال ابن القيم: واختلف الناس في تفسير الصغار الذي يكونون عليه وقت أداء الجزية فقال عكرمة: أن يدفعها وهو قائم، ويكون الآخذ جالسًا، وقالت طائفة: أن يأتي


(١) الجامع لأحكام القرآن (٨/ ١١٥)، وتفسير الماوردي (٢/ ٣٥١ - ٣٥٢)، وانظر: الجزية في الإسلام للسقار.
(٢) فتح الباري (٦/ ٢٥٩).
(٣) كفاية الأخيار فصل شرائط وجوب الجزية، وانظر المغني (١٠/ ٦٢٠)، وروضة الطالبين للنووي، وحواشي الشرواني (٩/ ٢٧٥)، والمجموع (١٩/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>