للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماه الروح الأمين، وسماه روح القدس، وسماه جبريل" (١) وهذا يوضح أنه ليس لهم أدنى شبهة في هذا؛ إذ المقصود بالروح القدس (وروحنا): جبريل - عليه السلام - وليس المسيح، بل إن البعض جعل معنى الروح في قوله تعالى {وَرُوحٌ مِنْهُ} أيضًا جبريل - عليه السلام -، يقول ابن جرير" وقال آخرون معنى الروح ههنا: جبريل - عليه السلام - قالوا: ومعنى الكلام: وكلمته ألقاها إلى مريم وألقاها أيضًا إليها روح من الله قالوا: فالروح معطوف به على ما في قوله "ألقاها" من ذكر الله بمعنى أن إلقاء الكلمة إلى مريم كان من الله ثم من جبريل - عليه السلام -".

رابعًا: الروح أو الروح القدس أو روح الله عند النصارى، هو الأقنوم الثالث في ثالوثهم الوثني (٢)، وهذا مبطل لادعاء النصارى على القرآن فيما يتعلق بقوله وروح منه، أو روحنا من أساسه؛ لأن القرآن قال عن عيسى - عليه السلام -: إنه روح من الله سبحانه وتعالى أو سماه بذلك بينما المسيح عند النصارى هو الابن أو "الأقنوم الثاني" بزعمهم، وليس هو روح الله؛ لأن روح الله، أو الروح، أو الروح القدس عندهم ليس عيسى - عليه السلام - وإنما هو الأقنوم الثالث، ولكل أقنوم بحسب اعتقاداتهم وظائف وأعمال ومهمات لا يقوم بها الأقنوم الآخر فجعلهما أقنومًا واحدًا لا شك أنه مبطل للتثليث النصراني جملة وتفصيلًا.

وقد جاء في الأناجيل ما يوضح أن عيسى - عليه السلام - كان يخرج الشياطين بروح الله، مما يعني أن عيسى شيء، والمقصود بروح الله شيء آخر، إذ ينسب إلى عيسى قوله "ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله" متى (١٢: ٢٨)، وفي نص آخر يقول: "وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس ومن قال كلمة على ابن الإنسان (أي عيسى - عليه السلام - بزعم النصارى) يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي" متى (١٢: ١٣ - ٣٢)، وفي نص آخر "لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس" متى (١: ٢٠)، وفي غيره "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا


(١) المرجع السابق (١/ ٢٤٠).
(٢) انظر: "القاموس الموجز للكتاب المقدس" (١/ ٣٠٤ - ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>