كما يقطعون الخراف في الحظيرة، وكانوا يراهنون على من يشق رجلًا بطعنة سكين، أو يقطع رأسه، أو يدلق أحشاءه بضربة سيف.
كانوا ينتزعون الرضع من أمهاتهم، ويمسكونهم من أقدامهم، ويرطمون رؤوسهم بالصخور. أو يلقون بهم في الأنهار ضاحكين ساخرين. وحين يسقط في الماء يقولون:(عجبا انه يختلج). كانوا يسفدون الطفل، وأمه بالسيف، وينصبون مشانق طويلة ينظمونها مجموعة مجموعة كل مجموعة ثلاث عشر مشنوقًا، ثم يشعلون النار، ويحرقونهم أحياء. وهناك من كان يربط الأجساد بالقش اليابس، ويشعل فيها النار.
كانت فنون التعذيب لديهم أنواعًا منوعة. بعضهم كان يلتقط الأحياء فيقطع أيديهم قطعًا ناقصًا لتبدو كأنها معلقة بأجسادهم ثم يقول لهم:(هيا احملوا الرسائل) أي: هيا أذيعوا الخبر بين أولئك الذين هربوا إلى الغابات. أما أسياد الهنود، ونبلاؤهم فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان يضعون فوقها المذراة ثم يربط هؤلاء المساكين بها وتوقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتضروا ببطء وسط العذاب، والألم، والأنين.
ولقد شاهدت مرة أربعة من هؤلاء الأسياد فوق المشواة. وبما أنهم يصرخون صراخًا شديدًا أزعج مفوض الشرطة الأسبانية الذي كان نائمًا (أعرف اسمه بل أعرف أسرته في قشتاله) فقد وضعوا في حلوقهم قطعًا من الخشب أخرستهم ثم أضرموا النار الهادئة تحتهم.
رأيت ذلك بنفسي، ورأيت فظائع ارتكبها المسيحيون أبشع منها. أما الذين هربوا إلى الغابات، وذرى الجبال بعيدًا عن هذه الوحوش الضارية فقد روض لهم المسيحيون كلابًا سلوقية شرسة لحقت بهم، وكانت كلما رأت واحدًا منهم انقضت عليه، ومزقته، وافترسته كما تفترس الخنزير، وحين كان الهنود يقتلون مسيحيًا دفاعًا عن أنفسهم كان المسيحيون يبيدون مائة منهم، لأنهم يعتقدون أن حياة المسيحي بحياة مائة هندي أحمر (١).
(١) نفس المصدر تحت عنوان -إبادة هنود القارة الأمريكية على أيدي المسيحين الأسبان-.