للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير: المؤلفة قلوبهم أقسام: منهم من يعطى ليُسلم، كما أعطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صفوان بن أمية من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركًا، حتى قال: أعطاني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم حنين، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى صار، وإنه لأحب الناس إليّ (١).

ومنهم من يُعْطَى ليحسُن إسلامه، ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حنين أيضًا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم: مائة من الإبل، وقال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحبُّ إليّ منه، مخافة أن يَكُبَّه اللَّه على وجهه في نار جهنم". (٢)

وقال البغوي: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} فالصنف الرابع من المستحقين للصدقة هم: المؤلفة قلوبهم، وهم قسمان: قسم مسلمون، وقسم كفار.

فأما المسلمون فقسمان:

قسم دخلوا في الإسلام ونيتهم ضعيفة فيه، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطيهم تألفًا كما أعطى عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، والعباس بن مرداس، أو أسلموا ونيتهم قوية في الإسلام، وهم شرفاء في قومهم مثل: عدي بن حاتم، والزِّبْرِقان بن بدر، فكان يعطيهم تألفًا لقومهم، وترغيبًا لأمثالهم في الإسلام، فهؤلاء يجوز للإمام أن يعطيهم من خمس خمس الغنيمة، والفيء سهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطيهم من ذلك ولا يعطيهم من الصدقات.

والقسم الثاني من مؤلفة المسلمين: أن يكون قوم من المسلمين بإزاء قوم كفار في موضع مُتَنَاطٍ لا تبلغهم جيوش المسلمين إلا بمؤنة كثيرة، وهم لا يجاهدون إما لضعف نيتهم أو لضعف حالهم، فيجوز للإمام أن يعطيهم من سهم الغزاة من مال الصدقة، وقيل: من سهم المؤلفة، ومنهم قوم بإزاء جماعة من مانعي الزكاة يأخذون منهم الزكاة يحملونها إلى الإمام، فيعطيهم الإمام من سهم المؤلفة من الصدقات، وقيل: من سهم سبيل اللَّه.


(١) أخرجه أحمد (١٥٣٣٩)، ومسلم (٢٣١٣).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ١٦٧)، وانظر صحيح البخاري (٢٧)، ومسلم (١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>