للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتبر القرآن فتنة المؤمن عن دينه أكبر من قتله وأشد {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (البقرة: ٢١٧)، {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (البقرة: ١٩١).

والدين هو أولي الحرمات، والمقدم قبل جميع المقدسات، والعدوان عليه في شخص المؤمن به فتنة أو إكراهًا أكبر من العدوان على ذات نفسه (١).

فهو محفوظ بشرع الزواجر عن الردة والمقاتلة مع أهل الحرب، وقد نبه اللَّه تعالى بقوله {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (التوبة: ٢٩)، فحفظ الدين بشرعية القتل بالردة والقتال للكفار (٢).

وحفظ النفس بشرعية القصاص؛ فإنه لولا ذلك لتهارج الخلق واختل نظام المصالح، فحفظ النفس بشرع القصاص، وقد نبه اللَّه تعالى عليه بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (البقرة: ١٧٩). (٣)

وحفظ العقل: بشرعية الحد على شرب المسكر، فإن العقل هو قوام كل فعل تتعلق به مصلحة فاختلاله يؤدي إلى مفاسد عظيمة، فحفظ العقل محفوظ بتحريم المسكر، وقد نبه اللَّه تعالى عليه بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} (المائدة: ٩١). (٤)

لذا كان الحفاظ عليه من الضروريات حتى لا تناله آفة تجعل صاحبه عبئًا على المجتمع، ومصدر شر وأذى فيه، من أجل ذلك حرم الإِسلام الخمر، وكل ما من شأنه أن يؤثر في العقل تأثيرها فكل أنواع المخدرات سواء أكانت مشروبات أم كانت غير


(١) بحوث في علوم التفسير د/ محمد حسين الذهبي (٤٣٩ - ٤٤٠) بتصرف يسير واختصار.
(٢) المحصول للرازي (٥/ ١٦٠)، وإرشاد الفحول (٢١٦).
(٣) المصدرين السابقين.
(٤) السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>