للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صيانة العضو أغلاها وأرخصها ... صيانة المال فافهم حكمة الباري. (١)

قال النووي في شرحه لهذا الحديث: لا يذم في العادة من خاطر بيده في شيء له قدر، وإنما يذم من يخاطر بها فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير، والصواب أن المراد التنبيه على عظيم ما خسر، وهي يده في مقابلة حقير من المال وهو ربع دينار؛ فإنه يشارك البيضة والحبل في الحقارة، أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع جره ذلك إلى سرقة ما هو أكثر منها فقطع، فكانت سرقة البيضة هي سبب قطعه، أو أن المراد به قد يسرق البيضة أو الحبل فيقطعه بعض الولاة سياسة لا قطعًا جائزًا شرعًا، وقيل: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة من غير بيان نصاب، فقاله على ظاهر اللفظ. واللَّه أعلم. (٢)

وعليه فالحديث يحتمل وجوهًا كما نقل ابن كثير عن الجمهور بأنهم أجابوا بأجوبة عن هذا الحديث وهي:

أحدها: أنه منسوخ بحديث عائشة (٣)، وفي هذا نظر؛ لأنه لا بد من بيان التاريخ.

والثاني: أشبه مؤول ببيضة الحديد وحبل السفن، قاله الأعمش فيما حكاه البخاري وغيره عنه.

والثالث: أن هذا وسيلة إلى التدرج في السرقة من القليل إلى الكثير الذي تقطع فيه يده، ويحتمل أن يكون هذا خرج مخرج الإخبار عما كان الأمر عليه في الجاهلية، حيث كانوا يقطعون في القليل والكثير، فلعن السارق الذي يبذل يده الثمينة في الأشياء المهينة. (٤)

وفيه أيضًا، الإشارة إلى سد الذرائع، فإنه أخبر أن سرقة الحبل والبيضة لا تدعه حتى تقطع يده. (٥)


(١) فتح الباري (١٢/ ٨٥).
(٢) مسلم بشرح النووي (٦/ ٢٠٠)، وسنن النسائي بشرح السيوطي (٨/ ٦٦، ٦٧).
(٣) حديث عائشة "تقطع يد السارق في ربع دينار" في البخاري ومسلم.
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ١٣٨).
(٥) زاد المعاد (٥/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>