للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما نتأمل في مخلوقات اللَّه عز وجل سترى بكل وضوح أن بني الإنسان قد استحوذوا علي حُلل الكرامة من العقل والعلم والبيان والنطق والشكل والصورة الحسنة والهيئة الشريفة واكتساب العلوم وغيرها من الأشياء التي فيها كرامة الإنسان (١)، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)} (الإسراء: ٧٠)، ولما كان هذا التفضيل صارت خلافة الإنسان في الأرض لكن يعمرها ويشيدها ويتكاثر ويتناسل فيها، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} (البقرة: ٣٠).

ولا شك أن الخلافة لا تتحقق ولا تزدهر إلا عن طريق النسل، ولا يكون النسل إلا إذا كان زوجان ذكر وأنثى ويكون بينهما سكن، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)} (الروم: ٢١)، ولا سكون للزوجين إلا إذا ارتبطا بعقد شرعي (٢)، وفي هذه الآية الكريمة يضع القرآن الكريم الأساس السليم لبناء اللبنة الأولى في صرح المجتمع السوي، بل إنه ينبه الأذهان إلى نوع هام من الطب لم يفطن إليه العلماء إلا حديثًا عندما اتفقوا على ضرورة تعديل برامج التعليم الطبي في العالم عن طريق إدخال بعض العلوم المستحدثة في دراسة الطب وأهمها علم الطب الاجتماعي الذي يبحث عن بناء مجتمع صالح خال من الجهل والفقر والمرض والخوف والقلق (٣).


(١) عجائب النظر والتأمل في عظمة اللَّه عز وجل (٢٣٥) بتصرف.
(٢) الإعجاز الطبي في الكتاب والسنة (٧٠).
(٣) رحيق العلم والإيمان (٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>