للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ومثله ورأيت بعضهم يخرج هذا على أنه إنما أراد علم اللَّه تعالى. . . ولا يعجز من لا حياء له عن أن يقلب كل كلام إلى ما اشتهى بلا برهان ووصف الكلام عن موضعه ومعناه إلى معنى آخر لا يجوز إلا بدليل صحيح غير ممتنع المراد في اللغة (١).

وتتعجب كل العجب عندما تسمع علماء النصارى يقولون كما جاء في التفسير التطبيقي: تزخر وسائل الإعلام الأجنبية الآن بقصص الغامرات الجنسية والعلاقات الجنسية بدون زواج، وأن الالتزام عفا عليه الزمن، والجنس الذي خلقه اللَّه وقال عنه أنه حسن، قد التوت به الأهواء وحولته إلى نشاط غير شرعي طارئ للإشباع الذاتي، وتحول الحب إلى شهوة، والعطاء إلى أخذ، والالتزام الدائم إلى شيء بلا قيود (٢).

وسياق هذا الكلام سببه موضوع نشيد الإنشاد، والغرض منه أن يعرض لنا الرب الجنس الحسن الذي يكون بالزواج، وحتى تعلم مدى التلفيق والكذب ففي سفر نشيد الإنشاد الذي يحكي قصة عشق بين رجل وامرأة أن المرأة قالت: لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي، فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلَا يُخْزُونَنِي. ٢ وَأَقُودُكَ وَأَدْخُلُ بِكَ بَيْتَ أُمِّي، وَهِيَ تُعَلِّمُنِي، فَأَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ المَمْزُوجَةِ مِنْ سُلَافِ رُمَّانِي (نشيد الإنشاد: ٨/ ٢: ١).

وحتى نعلم أنه عشق وليس زواج، وأنه دعوى للإباحية والشذوذ، وحتى لو كان زوجين، فإن صاحب الحياء والفطرة السليمة يستحي من أن يكون هذا الكلام بلسانه، فما بالك أنهم ينسبونه إلى رب العزة، وعلى لسان أحد أنبيائه فتقول بكل وقاحة (ليتك أخي) حتى لا تفتضح بهذا العشق، فهذه دعوى للشذوذ بين الأخوة، فكيف يكون قصة علاقة حميمة بين رجل وامرأة وقصة حب وود وزواج، وأن هذا هو الجنس والزواج الصحيح كما قصدهما اللَّه (٣).


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل ١/ ١٥٥.
(٢) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس (١٣٦٤).
(٣) التفسير التطبيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>