للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٧٣)} (الشعراء: ١٦٠: ١٧٣) وقال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} (النمل: ٥٤: ٨٥). وقال تعالى: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (هود: ٨٩).

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن عبده لوط عليه السلام، أنه أنذر قومه نقمة اللَّه بهم، في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكور دون الإناث، وذلك فاحشة عظيمة، استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، قال: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} (١).

قال الشوكاني: وَمَا أَحَقَّ مُرْتَكِبَ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَمُقَارِفَ هَذِهِ الرَّذِيلَةِ الذَّمِيمَةِ؛ بِأَنْ يُعَاقَبَ عُقُوبَةً يَصِيرُ بِهَا عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ، وَيُعَذَّبَ تَعْذِيبًا يَكْسِرُ شَهْوةَ الْفَسَقَةِ المُتَمَرِّدِينَ، فَحَقِيقٌ بِمَنْ أَتَى بِفَاحِشَةِ قَوْمٍ مَا سَبَقَهُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالمِينَ؛ أَنْ يَصْلَى مِنْ الْعُقُوبَةِ بِمَا يَكُونُ فِي الشِّدَّةِ وَالشَّنَاعَةِ مُشَابِهًا لِعُقُوبَتِهِمْ؛ وَقَدْ خَسَفَ اللَّه تَعَالَى بِهِمْ وَاسْتَأْصَلَ بِذَلِكَ الْعَذَابِ بِكْرَهُمْ وَثَيِّبَهُمْ (٢).

قال الشيخ سيد سابق: إن جريمة اللواط من أكبر الجرائم، وهي من الفواحش المفسدة للخلق وللفطرة وللدين والدنيا، بل وللحياة نفسها، وقد عاقب اللَّه عليها بأقصى عقوبة؛ فخسف الأرض بقوم لوط، وأمطر عليهما حجارة من سجيل جزاء فعلتهم القذرة، وجعل ذلك قرآنا يتلى ليكون درسًا؛ قال اللَّه سبحانه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٠٢)، وهذه الآيات التي تحكي قصة قوم لوط، وما حدث لهم بسبب اقترافهم لهذه الفاحشة.
(٢) نيل الأوطار للشوكاني (٧/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>