للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أجل هذا حرر الإسلام المرأة من مسئولية العمل في الوقت الذي لم يمنعها من ممارسته. حررها من مسئوليته لكي لا تقع تحت ضرورات العمل الذي يستعبدها. ولم يمنعها من ممارسته، لكي تملك السبيل إلى معيشة أرْفَه مع قدرتها على اختيار الأنسب والأليق، ومع امتلاكها للانضباط بما يقتضيه سُلَّم الأولويات، من تقديم مهام رعاية الأسرة في الداخل على رغبات العمل والكدح من أجل الرزق في الخارج.

وهكذا، فإن قول اللَّه تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (النساء: ٣٤) إخبار عن واقع يفرض نفسه، أكثر من أن يكون تقريرًا لحكم مفروض.

أما هناك في المجتمعات الغربية، فقد حُمِّلت المرأة مسئولية الكدح من أجل توفير رزقها، فاستعبدها العمل والجهد المضني، ثم لم تنل بعد خضوعها لهذه الضريبة الفادحة، القوامة التي ظلت بيد الرجل. . كل ما قد حصل، هو أن بنيان الأسرة تهاوى وتحوَّل إلى حطام في غمار تسابق الزوجين إلى الكدح من أجل الرزق وتوفير لقمة العيش، وبقي الزوج مع ذلك هو المهيمن والمتنفذ! (١).

ونعود إلى المحور الذي انطلقنا منه، وهو بيان أن القوامة التي أخبر عنها بيان اللَّه -عزَّ وجلَّ-، قوامة إدارة ورعاية، لا قوامة تسلط وتحكم، ومصدر اختيار الرجل لها أفضلية صلاحيته لها من جانب، وتحمله لمسئولية الإنفاق من جانب آخر. والنظام العالمي يقول: من ينفق يشرف (٢) (٣).


(١) مقارنة الأديان (٢١٤).
(٢) المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني (١٠٥ - ١٠٦).
(٣) يقول د/ القرضاوي في كتابه الإسلام وحضارة الغد (٤٨ - ٥٤) ومن أحدث الوقائع، وأغرب الأنباء: ما هو واقع في أمريكا الآن من ابتزاز الرجال للنساء، بدعوى المساواة بين الجنسين التي طالب بها النساء في أول الأمر، وذلك عند وقوع طلاق الزوج الفقير، أو المتوسط من زوجة غنية، وقد كتبت عن هذه القضية الصحفية المصرية مها عبد الفتاح وبعثت برسالتها من أمريكا إلى صحيفة أخبار اليوم في ٦/ ٨/ ١٩٩٤ م تقول: "في الأعوام الأخيرة زادت نسبة النساء ذوات الدخول الكبيرة زيادة ملحوظة وممثلات ومصممات أزياء وصحفيات ومحاميات وعضوات مجالس إدارة صعدن السلم الوظيفي والواحدة منهن ستواجه محنة فيما =

<<  <  ج: ص:  >  >>