الحكومات الفرنسية أعطت للمرأة الفرنسية بالتدريج كل ما طالبت به.
والمرأة اليوم تعيش بفرنسا في ظل قوانين تساويها تمامًا بالرجل حيث لم تعد وظيفة ما حكرًا على الرجل وحده، بل أصبحت المرأة تطالب بالمنصب نفسه وقد حصلت عليه بالفعل. فالمرء يجد أن المرأة الفرنسية أصبحت وزيرة، ونائبة في البرلمان، وضابطة في البوليس، وقاضية في المحاكم، وسائقة للتاكسي، وفلاحة في المزرعة، وشرطية توقف المخالفين من الرجال أو النساء وتكتب بحقهم مخالفة مالية. . . . فهل حققت المرأة الفرنسية سعادتها؟
كريستين فتاة فرنسية ولدت في باريس من أب باريسي وأم من مدينة مرسيليا، ولأنها البنت البكر فقد اعتنى بها الأهل حتى أخذت حظها من الثقافة ونالت شهادتها الجامعية في كلية الحقوق بنجاح، وكان عليها أن تعمل في مكتب أحد المحامين وترافع حتى يحق لها أن تعمل وحدها وفي مكتب خاص بها.
تقول كريستين:
أستيقظ في السادسة صباحًا حيث يبتدئ عملي في التاسعة، فأخذ حمامي وأشرب قهوتي على عجل ثم أهرول من المنزل حتى محطة المترو التي تنقلني عبر ست وعشرين محطة إلى مركز عملي. والرحلة تستغرق أكثر من ساعة، وحين أصل إلى الكتب يكون أستاذي -تقصد المحامي الذي تعمل عنده- لم يصل بعد، فأقرأ الصحف وأتسلى بسماع أخبار المترفين من الناس حتى يحضر الأستاذ الذي يكون كعادته متجهم الوجه، فيوجه لي الأوامر، فأتوجه إلى هذه المحكمة أو تلك لأرافع في قضية لا يهمني من سيربحها -واستطرادًا من يخسرها-، عند الظهر أتوجه إلى أي مطعم شعبي فأزدرد بعض لقيمات دون أية لذة في الطعام، وأعود بعدها للمكتب لأدرس بعض القضايا التي يكلفني بها الأستاذ، وفي المساء أعود لأتسلق المترو في رحلة الست وعشرين محطة وأتحمل هذا السكير الذي يدعوني للعشاء أو ذلك الذي يطرح علي أسئلة غبية بقصد مغازلتي ولابد من أن أجيب رغم معرفتي المسبقة بنواياه.