للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل إلى البيت متعبة فأشاهد برامج التلفزيون دون أن يشدني أي موضوع منها ثم أتناول طعام العشاء ثم. . آه من ثم. . ثم أنام.

في الصباح يعود المشهد ذاته حتى تأتي عطلة الأسبوع وهي يومان فماذا أصنع؟

في البيت شغل أيضًا وهو شغل شاق. ففي يوم السبت لا بد من شراء الأغراض للبيت، أي مؤونة الأسبوع وترتيب بعض الأغراض. ويوم الأحد لا بد من أن أغسل ثيابي التي اتسخت طوال الأسبوع ولا بد من كنس البيت وتنظيفه، والعمل في حديقة المنزل فهذه شجرة يجب تهذيب غصونها وتلك وردة تحتاج إلى سماد خاص وهذه غرسة جديدة آن وقت غرسها، وهذه الحديقة التي أعتني بها لا أرى فيها الشجرة حين تثمر ولا الوردة حين تشرق ولا الزنبقة حين تنبت، فالحياة تضطرني دومًا للركض وأتساءل لماذا؟ فلا أجد جوابًا. انظر في المرآة فأجد أنني جميلة لكن رجلًا لم يحضر ليخطبني أو يتزوجني، ثم أعطيه كل ما تملكه الأنثى من حب ورعاية وحنان. فأنا أعرف أن الرجل يريد في النهاية أن يتزوج من أنثى تملك مواصفات الأنثى في الرقة والنعومة، وأنا كفتاة عاملة فقد افتقدت كل هذه المؤهلات. صحيح أنني أكسب بعض المال؛ لكن هل المال وحده يعطي السعادة؟

في السنة الماضية -تقول كريستين- حصلت على إجازة وعزمت على أن أزور بلدان المشرق العربي، بعض الصديقات نصحنني بألا أقوم بهذه المغامرة غير المضمونة النتائج!

كيف تذهبين لبلدان متخلفة، لا تزال المرأة فيها جارية عند الرجل والرجل هو سيد البيت وسيدها؟ هكذا قلن لي واستطردن:

بل كيف تذهبين إلى بلدان لا تعرف المرأة فيها أي حق من حقوقها بل هي لا ترى إلا من خلال الرجل حتى في عينيها؛ لكنني -تقول كريستين- كنت قد قررت ولأنني قررت فقد ذهبت. سبعة أسابيع قضيتها في زيارة كل من بيروت ودمشق وعمان وبغداد وها أنذا أعود إلى باريس فماذا وجدت؟ وجدت رجلًا يذهب إلى عمله في الصباح ويتعب ويشقى ويعمل حتى إذا كان المساء عاد إلى زوجته ومعه خبز ومع الخبز حب وعطف ورعاية لها

<<  <  ج: ص:  >  >>