قال الألبانى: والحق أن الكتابة والقراءة، نعمة من نعم اللَّه تبارك وتعالى على البشر كما يشير إلى ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} (العلق: ١ - ٥)، وهي كسائر النعم التي امتن اللَّه بها عليهم وأراد منهم استعمالها في طاعته، فإذا وجد فيهم من يستعملها في غير مرضاته، فليس ذلك بالذي يخرجها عن كونها نعمة من نعمه، كنعمة البصر والسمع والكلام وغيرها، فكذلك الكتابة والقراءة، فلا ينبغي للآباء أن يحرموا بناتهم من تعلمها شريطة العناية بتربيتهن على الأخلاق الإسلامية، كما هو الواجب عليهم بالنسبة لأولادهم الذكور أيضًا، فلا فرق في هذا بين الذكور والإناث.
والأصل في ذلك أن كل ما يجب للذكور وجب للإناث، وما يجوز لهم جاز لهن ولا فرق، كما يشير إلى ذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما النساء شقائق الرجال"، فلا يجوز التفريق إلا بنص يدل عليه، وهو مفقود فيما نحن فيه، بل النص على خلافه، وعلى وفق الأصل، وهو هذا الحديث الصحيح، فتشبث به ولا ترض به بديلًا، ولا تصغ إلى من قال:
ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة ... هذا لنا ولهن منا أن يبتن على جنابة!
فإن فيه هضما لحق النساء وتحقيرا لهن، وهن كما عرفت شقائق الرجال.
نسأل اللَّه تعالى أن يرزقنا الإنصاف والاعتدال في الأمور كلها (١).
يقول د/ على عبد الواحد وافي: يسوي الإسلام بين الرجل والمرأة في حق التعلم والثقافة. فقد أعطى المرأة الحق نفسه الذي أعطاه الرجل في هذه الشئون. فأباح لها أن تحصل على ما تشاء الحصول عليه من علم وأدب وثقافة وتهذيب، بل إنه ليوجب عليها ذلك في الحدود اللازمة لوقوفها على أمور دينها وحسن قيامها بوظائفها في الحياة.