للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذه الفرية رددها الحاقدون على الإسلام، من بعض المستشرقين والمبشرين والمستعمرين، على أمل أن تنطلي الخدعة على المسلمين، فتظل المرأة جاهلة غير متعلمة، لكي يحرموا الأسرة المسلمة من أم متعلمة واعية واسعة الثقافة، تحسن تربية أبنائها، وتنشئهم على القيم والمبادئ الإسلامية الرفيعة.

إن هؤلاء الأعداء نظروا إلى المرأة المسلمة في فترة كان العالم الإسلامي فيها في أسوأ حالاته، مقهورًا بأعدائه، متراجعًا عن حضارته، متخليًا عن أخلاق دينه وآدابه، محكومًا بمنهج فرضه عليه عدوه، فكان لابد أن يصيب المرأة المسلمة من هذا نصيب، كما كان لابد أن يحال بينها وبين التعليم والتعلم بسبب سياسة الأعداء للإسلام والمسلمين، فلما حدث هذا بسببهم قالوا: إن المرأة المسلمة جاهلة، وغير متحضرة، وأن هذا الجهل وذلك التراجع الحضاري راجع إلى أسباب دينية وتقاليد إسلامية!

إن مقولتهم تلك من أكذب الكذب على الإسلام؛ لأنه دين العلم والثقافة والمعرفة، الدين الذي كان أول ما نزل من كتابه على الرسول الخاتم -صلى اللَّه عليه وسلم-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} (العلق: ١ - ٥).

أي دين مجد القراءة والكتابة والعلم والتعلم والثقافة، كهذا الدين؟ أي دين جعل طلب العلم أو التعلم فريضة على كل مسلم ومسلمة؟

إن تاريخ ومكانة المرأة المسلمة في ظل الحضارة الإسلامية، وقبل أن يقع العالم الإسلامي في براثن أعدائه من شرق وغرب، كان تاريخًا مشرفًا في العلم والتعلم والتعليم، إن المرأة المسلمة برزت في مجالات العلم وبخاصة العلوم الإسلامية حتى بلغ بعضهن في تلك العلوم شأوا بعيدًا، إن الإسلام لم يكتفِ بأن يجيز للمرأة أن تتعلم ما شاءت من علوم الدين والدنيا، بل أوجب عليها ذلك كما أوجبه على الرجل، وقد كانت النساء على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتعلمن كالرجال، بل كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد حدد لهن موعدًا يحضرن فيه للعلم والتعلم، كما ورد ذلك في سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسيرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>