المسلمين عصور التقدم والرقي العلمي والفني، والتفوق في مختلف مجالات الحضارة الإنسانية.
إن الحضارة الأوربية في تلك القرون كانت تعتبر المرأة جزءًا من المتاع الذي يتلهى به الرجال عندما يريدون، دون زواج مشروع، ودون حقوق في كثير من الأحيان.
إن المرأة الأوربية حُرمت في ظل هذه الحضارة من كثير من حقوقها، حيث لم تكن ترث، ولا تملك، ولا تحتفظ باسم أبيها وعائلتها، وإنما تحمل اسم زوجها، وكانت عند الزوج كالأمة، حتى إنه كان يأمرها فلا تملك غير الطاعة، حتى في الأمور التي لا تقبلها الفطرة السوية.
ولم يكن هذا مكان المرأة، ولا تلك مكانتها في عصورهم الوسطى فحسب، ولكنه استمر إلى وقت قريب إلى قرن ونصف قرن من زماننا هذا -العقد الأخير من القرن العشرين- وعلى سبيل المثال لا الحصر:
فإن الإنجليز كانوا يعتبرون تعليم المرأة سبة تشمئز منها النساء قبل الرجال. فلما كانت "اليصابات بلا كويل" تتعلم في جامعة جنيف سنة ١٨٤٩ م -وهي أول طبيبة في العالم- كانت النسوة المقيمات معها يقاطعنها، ويأبين أن يكلمنها، ويزوين ذيولهن عن طريقها احتقارًا لها، كأنهن متحرزات من نجاسة يتقين مَسَّها.
وإن الأمريكان عندما اجتهد بعضهم في إقامة معهد يعلم النساء الطب في مدينة "فلادلفيا" الأمريكية، أعلنت الجماعة الطبية بالمدينة أنها تصادر كل طبيب يقبل أن يعلم بهذا المعهد، وتصادر كل من يستشير أولئك الأطباء.
وإن الألمان هم الذين تنسب إليهم الكلمة التالية: إن خزائن ملابس المرأة هي مكتبتها، وأن الفرنسيين هم أصحاب فكرة أن المرأة يجب أن تحبس بين جدران أربعة (١).
(١) المرأة المسلمة، وفقه الدعوة إلى اللَّه (٣٣٦ - ٣٤٠).