للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا الأساس نقول: إن عمل المرأة في ذاته جائز، وقد يكون مطلوبًا طلب استحباب، أو طلب وجوب، إذا احتاجت إليه: كأن تكون أرملة أو مطلقة ولا مورد لها ولا عائل، وهي قادرة على نوع من الكسب يكفيها ذلَّ السؤال أو المنة.

وقد تكون الأسرة هي التي تحتاج إلى عملها كأن تعاون زوجها، أو تربي أولادها، أو إخوتها الصغار، أو تساعد أباها في شيخوخته، كما في قصة ابنتي الشيخ الكبير التي ذكرها القرآن الكريم في سورة القصص وكانتا تقومان على غنم أبيهما: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣)} (القصص ٢٣).

وكما ورد أن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كانت تساعد زوجها الزبير بن العوام في سياسة فرسه، ودق النوى لناضحه، حتى إنها لتحمله على رأسها من حائط له -أي بستان- على مسافة من المدينة (١).

وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء، وتمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة، فالأولى أن تتعامل المرأة مع امرأة مثلها، لا مع رجل.

وقبول الرجل في بعض الأحوال يكون من باب الضرورة التي ينبغي أن تقدر بقدرها، ولا تصبح قاعدة ثابتة. (٢)

يقول د/ صابر أحمد طه: إن قولهم: إن الإسلام يرفض عمل المرأة عارٍ من الصحة؛ لأنه لم يرد نص في القرآن الكريم ولا في سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحرم عمل المرأة، كلُّ ما هنالك أن الإسلام لم يفرض العمل على المرأة، ولم يلزمها به، بل جعله واجبًا على الرجال وفرضًا لازمًا منذ بداية الخليقة، يدل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {وَإِذْ


(١) رواه البخاري (٢٩٨٢)، ومسلم (٢١٨٢).
(٢) فتاوى معاصرة للقرضاوي ٢/ ٣٠٥: ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>