للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (١١٦) فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧)} (طه: ١١٦، ١١٧)، فإفراد "فتشقى" بعد التثنية في "فلا يخرجنكما" دليل على أن الرجل وحده هو المسئول عن تدبير شئون الأسرة مع العلم بأن هذا القول ليس خاصًا بالإسلام وحده، فقد أقرته الرسالات السماوية السابقة جاء في سفر التكوين (وقال لآدم -أي قال اللَّه تعالى لآدم- لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلًا: لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك وشوكًا وحسكًا تنبت لك، وتأكل عشب الحقل بعرق وجهك، تأكل خبزًا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها).

ويُفهم من هذا النص أن اليهودية والنصرانية تبعًا لها تجعلان العمل واجبًا على الرجل؛ لأن اللَّه عز وجل ألزم آدم به في قوله: (بعرق وجهك).

إذًا فالرسالات السماوية الصحيحة اتفقت على أن الرجل هو المكلف بالعمل وبالتالي بالإنفاق على المرأة؛ لما يمتاز بالخشونة وقوة العضلة والجلد والصبر، أما المرأة فلها عمل آخر وهو تربية الأطفال وهو عمل شاق تدركه كل أم تبغي الفلاح لأطفالها.

أما إذا لم تجد المرأة من يعولها من زوج أو أقرباء، ولم يقم بيت المال بواجبه نحوها، أجاز لها الإسلام أن تعمل؛ لتعول نفسها، أو لتعول أبوين مريضين أو كبيرين، أو لتعين زوجها الذي أقعده المرض عن اكتساب رزقه (١).

يقول د/ البوطي: وإن الشريعة الإسلامية لا تحرم على المرأة ممارسة أي وظيفة أو القيام بأي عمل تستطيع النهوض به على وجهه، ولا تضيق عليها من ذلك إلا بالقدر الذي يستدعيه القيام بواجبات أخرى كلفها الشارع بها، كما تستحق المرأة من الأجر على العمل الذي تتقنه، مثل ما يستحقه الرجل دون أي تفريق، فما يسمى بأجر المثل لا دخل للذكورة والأنوثة فيه تحديدًا، إذا كان العمل سليمًا ومتقنًا (٢).


(١) نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام صـ ٢١٩.
(٢) على طريق العودة إلى الإسلام صـ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>