الأمة إلى تسريح جيشها، وعدم شراء الأسلحة والذخائر أو صنعها، وعدم مقاومة المغيرين المعتدين بحجة أن في ذاك كله خسائر مادية، وإضرارًا بالإنتاج القومي والثروة العامة في البلاد؟
ثم أي معنى لقول من يقول: إن وجود المرأة في البيت يعودها الكسل ولذلك تسمن نساؤنا أكثر من الغربيين، إن مثل هؤلاء لا يعرفون متاعب البيت وأعماله، وكيف تشكو المرأة من عنائه، فما يمسي المساء إلا وهي منهوكة القوى تروح عن نفسها بالاجتماع إلى جاراتها وصديقاتها.
والبنت ما دامت في المدرسة فهي تلقى العلم فلا يجوز إرهاقها بالعمل معه وإذا انتهت من المدرسة لا تمكث في بيت أبيها وأمها إلا بمقدار ما تتهيأ للانتقال إلى بيت الزوجية، فهي في هذه الحالة تتلقى دروسًا عملية عن أمها في إدارة البيت وأعماله وشئونه، فلا يجوز مع ذلك إرهاقها بالعمل خارج البيت.
إن الذي أؤكده في الموضوع أن أعمال المرأة في البيت -بنتًا كانت أم زوجة- لا تقل عن أعمالها خارج البيت مشقة وعناء. وكثيرًا ما تكون أكثر مشقة وإرهاقًا.
أما ما يزعمون من سمن المرأة الشرقية، فهذه نكتة لا تستحق المناقشة لولا أننا سمعناها كثيرًا من هؤلاء المتحمسين لعمل المرأة خارج بيتها، ذلك أن السمن والنحافة تابعان لنظام التغذية، ومما لا ينكر أن نظامنا في الطعام يؤدي إلى السمنة في الرجل والمرأة على السواء، بل الملاحظ أن السمن عند الرجال في الغرب كما شاهدنا ذلك، ويؤكد هذا أن الأعراب المقيمين في الصحراء قل أن يوجد فيهم السمين، ولقد لاحظت في إحدى المرات التي أديت فيها فريضة الحج، وقد حضره من مختلف أنحاء الجزيرة العربية ما يبلغ نحوًا من ثلاثمائة ألف بدوي، لاحظت حينئذٍ أنه قل أن يوجد بينهم سمين، بل إني لم أر في هذا العدد الضخم سمينًا واحدًا قط.
فالقضية تابعة لنظام التغذية ونوع الغذاء لا إلى الراحة أو التعب (١).