وقد فسر قبل قوله: يؤمنون بالغيب صفة المؤمنين من غير أهل الكتاب كمشركي العرب، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك صفة من آمن به من أهل الكتاب، وعلى هذا القول هؤلاء غير هؤلاء لكن هذا ضعيف؛ فإنه لا بد في المؤمنين من غير أهل الكتاب أن يؤمنوا بما أنزل إليه وما أنزل من قبله، ولا بد في مؤمن أهل الكتاب أن يؤمن بالغيب فكل من الإيمانين واجب على كل واحد، ولا يكون أحد على هدًى من ربه مفلحا إلا بهذا وهذا.
وأما قول النصارى: نحن الذين آمنا بالسيد المسيح وما رأيناه، فهكذا اليهود آمنوا بموسى - عليه السلام - وما رأوه، والمسلمون آمنوا بمحمد وما رأوه، بل المسلمون آمنوا بموسى وعيسى وسائر النبيين وما رأوهم بخلاف اليهود والنصارى الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض، ثم الغيب ليس المراد به صورة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن صورة النبي ليست من الغيب فإن الناس يرونها وليس في رؤيتها ما يوجب إيمانًا ولا كفرًا، ولكن الغيب ما غاب عن مشاهدة الخلق وهو ما أخبرت به الأنبياء من الغيب فيدخل فيه الإيمان بالله وملائكته