من أيام دوراتها الشهرية، وقد عوفيت أنثى الحيوان من هذا العبث؛ لأنها إذا حملت صدت عن الذكر وصد الذكر عنها، ولكن المرأة التي تحس أنها عابثة في أحق الوظائف النوعية بالجد والمبالاة، يختلط عندها العبث بالجد، والسرور العقيم بالوظيفة الطبيعية، وقد تقضي بعد من اليأس زمنًا يحكمها فيه هذا العبث الذي لا نظير له في حياة الرجولة.
وحب الزينة أصل من أصول الرياء يشاركها فيه الرجل في ظاهر الأمر، ولكنه يخصها في جانب غير مشترك بينها وبين زينة الرجولة، فإن الرجل يتزين ليعزز إرادته، وإنما تتزين المرأة لتعزز إرادة غيرها في طلبها، وزينة المرأة كافية إذا راقت بمنظرها الظاهر في عين الرجل، ولكن زينة الرجل تجاوز ظاهره إلى الدلالة على قوته ومكانته وكفايته لمؤنة أهله، وليست الزينة التي تراد للإغراء بالقبول كالزينة التي تراد للإغراء بالطلب، فإن الفرق بينهما هو الفرق بين الإرادة والانقياد، وبين من يريد ومن ينتظر أن يُراد.
وجملة القول أن الرياء على عمومه هو إظهار غير ما في الباطن، وهو حالة تعرض للرجال والنساء في الحياة الجنسية وغير الحياة الجنسية، ولكن الأنوثة تختص بلون منه؛ لأنها إذا لجأت إليه فإنما تلجأ إليه اضطرارًا؛ لأن من خلقها ألا تظهر كل ما في نفسها، وإن كان من الأمور الطبيعية التي لا إثم فيها، ولا مخالفة بها لوظيفتها.