للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتوفر الرغبة فيها، كما يشعر به التعبير بأردن بلفظ الماضي وإيثار كلمة إن علي إذا لأن إرادة التحصن من الإماء كالشاذ والنادر، أو للإيذان بوجوب الانتهاء عن الاكراه عند كون إرادة التحصن في حيز التردد والشك، فكيف إذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع؟ (١).

وقال أبو السعود: للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور وقصورهن في معرفة الأمور الداعية إلى المحاسن الزاجرة عن تعاطي القبائح، فإن عبد اللَّه بن أبي كانت له ست جوار يكرهن على الزنا، وضرب عليهن ضرائب، فشكت اثنتان منهن إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنزلت، وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا عليه من القبائح ما لا يخفى، فإن من له أدنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه حرمه من إمائه فضلًا عن أمرهن به أو إكراههن عليه لا سيما إرادتهن التعفف فتأمل! . (٢)

السابع: وقال الآلوسي: ويعلم من توجيه هذا الشرط ما أشرنا إليه بيان حسن موقع الفتيات هنا باعتبار مفهومها الأصلي أنه لا مفهوم لها ولو فرضت صفة لأن شرط اعتبار المفهوم عند القائلين به أن لا يكون المذكور خرج مخرج الغالب، وقد تمسك جمع بالآية لإبطال القول بالمفهوم فقالوا: إنه لو اعتبر يلزم جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن والإكراه على الزنا غير جائز بحال من الأحوال إجماعًا ومما ذكرنا يعلم الجواب عنه، وفي شرح المختصر الحاجي للعلامة العضد الجواب عن ذلك أولًا أنه مما خرج مخرج الأغلب إذ الغالب أن الإكراه عند إرادة التحصن ولا مفهوم في مثله وثانيًا أن المفهوم اقتضى ذلك وقد انتفى لمعارض أقوى منه وهو الإجماع، وقد يجاب عنه بأنه يدل على عدم الحرمة عند عدم الإرادة وأنه ثابت إذ لا يمكن الإكراه حينئذ لأنهن إذ لم يردن التحصن لم يكرهن البغاء والإكراه إنما هو إلزام فعل مكروه، وإذا لم يمكن لم يتعلق به التحريم لأن شرط


(١) روح المعاني ١٨/ ١٥٧، وانظر تفسير البغوي (النور: ٣٣).
(٢) تفسير أبي السعود ٦/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>