للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدُّنْيَا} وهو كسبهن وبيع أولادهن {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} للمكرهات {رَحِيمٌ} وقرأ ابن عباس، وأبو عمران الجوني، وجعفر بن محمد {مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١)، وعلى هذا يكون: وَأَنْكِحُوا الأَيَامَي مِنْكُمْ إن أردن تحصنًا ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء. (٢)

الخامس: قال البيضاوي: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} تعففًا شرط للإكراه، فإنه لا يوجد دونه، وإن جعل شرطًا للنهي لم يلزم من عدمه جواز الاكراه لجواز أن يكون ارتفاع النهي بامتناع المنهي عنه، وإيثار إن على إذا؛ لأن إرادة التحصن من الإماء بالشاذ النادرة هي غالب أحوال الإماء البغايا المؤمنات إذ كن يحببن التعفف أو لأن القصة التي كانت سبب نزول الآية كانت معها إرادة التحصن، والداعي إلى ذكر القيد تشنيع حالة البغاء في الإسلام بأنه عن إكراه وعن منع من التحصن ففي ذكر القيدين إيماء إلى حكمة تحريمه وفساده وخباثة الاكتساب به (٣).

السادس: قال الآلوسي:

وقوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ليس لتخصيص النهي بصورة إرادتهن التعفف عن الزنا وأخراج ما عداها عن حكمه، كما إذا كان الإكراه بسبب كراهتهن الزنا لخصوص الزاني أو لخصوص الزمان أو لخصوص المكان، أو لغير ذلك الأمور المصححة للإكراه في الجملة، بل هو للمحافظة على عادة من نزلت فيهم الآية حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور وقصورهن في معرفة الأمور الداعية إلى محاسن الزاجرة عن تعاطي القبائح، وفيه من الزيادة لتقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا يفعلونه من القبائح ما لا يخفى، فإن من له أدنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه بينه من إمائه، فضلًا عن أمرهن به أو إكراههن عليه لاسيما عند إرادة التعفف


(١) زاد المسير آية ٣٣ من سورة النور ٦/ ٣٦.
(٢) البغوي ٥/ ١٥٥.
(٣) التحرير والتنوير ١/ ٢٩٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>