للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالت: لا واللَّه ما أنا براجعة، وجاءت إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: إن سيدي يكرهني على البغاء، فأنزل اللَّه هذه الآية وكان مستفيضًا من أفعال الجاهلين طلبًا للولد والكسب (١).

والثاني: إنه إنما شرط إرادة التحصن؛ لأن الإكراه لا يتصور إلا عند إرادة التحصن، فأما إذا لم ترد المرأة التحصن، فإنها تبغي بالطبع (٢).

وقال الخازن: إنما شرط إرادة التحصن لأن الإكراه لا يتصور إلا عند إرادة التحصن، فأما إذا لم ترد المرأة التحصن فإنها تبغي بالطبع طوعها (٣).

وقال الجصاص: وإنما (إن أردن تحصنًا) لأنها لو أرادت الزنا ولم ترد التحصن ثم فعلته على ما ظهر من الإكراه وهي مريدة له، كانت آثمة بهذه الإرادة، وكان الإكراه زائلًا عنها في الباطن وإن كان ثابتًا في الظاهر (٤).

والثالث: أن (إن) بمعنى (إذا) ومثله قوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة من الآية ٢٧٨)، وقوله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)} (آل عمران: ١٣٩). (٥)

والرابع: أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، تقديره: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} إلى قوله {وَإِمَائِكُمْ} {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}، ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ


(١) النكت والعيون للماوردي ٣/ ١٧٢.
(٢) زاد المسير لابن الجوزي ٦/ ٣٩.
(٣) تفسير الخازن ٥/ ٤، وانظر: تفسير البغوي، والنسفي حيث قالا: وإنما قيده بهذا الشرط لأن الإكراه لا يكون إلا بالتحصن فأمر المطيعة للبغاء لا يسمى مكرهًا ولا أمره إكراهًا، ولأنها نزلت على سبب فوقع النهي على تلك اللفظة، وفيه توبيخ للموالي أي إذ رغبن في التحصن فأنتم أحق بذلك. وانظر تفسير الزمخشري، ومما قال: كلمة (إن) وإيثارها علي إذ إيذان بأن المساعيات كن يفعلن ذلك برغبة وطواعية منهن، وأن ما وجد من معاذة ومسيكة من حيز الشاذ النادر، تفسير البغوي ٦/ ٤٤.
(٤) أحكام القرآن للجصاص ٥/ ١٨٧.
(٥) زاد المسير لابن الجوزي ٦/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>